الطّواف في (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ ؛) وهم أبو سفيان وأصحابه الذين صدّوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية.
قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ؛) معناه : الذي جعلناه للناس كلّهم ، لم يخصّ به بعضهم دون بعض سوى المقيم فيه ، والذي يأتي من غير أهله ، وليس الذين صدّوا عنه بأحقّ به من غيرهم.
قيل : المراد بالمسجد الحرام في هذه الآية الحرم كلّه ، كما في قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١) وكان العهد بالحديبية. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ مكّة لا يحلّ بيع رباعها ولا إجارة بيوتها](٢). وقيل : إن المراد بالمسجد الحرام نفس المسجد سوى المعتكف فيه. المجاور والبادي الذي يكون ملازما له في حرمته وحقّ الله عليهما فيه سواء.
قرأ حفص : (سَواءً) بالنصب بإيقاع الجعل عليه ، لأن الجعل يتعدّى إلى مفعولين. وقرأ الباقون بالرفع على الابتداء ، وما بعده خبره. وقيل : (سواء) خبر مبتدأ متقدّم تقديره : العاكف فيه والبادي سواء (٣).
قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٥) ؛ معناه : ومن يرد فيه إلحادا بظلم ، وفي هذا دليل أن المراد بالمسجد الحرام كلّ الحرم ، فإن الذنب في الحرم أعظم منه في غيره ، فعلى هذا يكون قوله (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) أي سواء في النّزول ، فليس أحدهما أحقّ بالمنزل يكون فيه. وحرّموا بهذه الآية كراء دور مكّة وإجارتها في أيام الموسم.
__________________
(١) التوبة / ٧.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ٣٣ ؛ قال القرطبي : (كذا رواه أبو حنيفة مرفوعا ووهم فيه ، والصحيح أنه موقوف ، وأسند الدارقطني أيضا عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وذكره). والحديث أخرجه الدارقطني في السنن : ج ٣ ص ٥٨ : الرقم (٢٢٣ ـ ٢٢٧).
(٣) ينظر : جامع البيان : ج ١٠ ص ١٨١.