قال عبد الله بن أسباط : (كان الحجّاج إذا قدموا مكّة لم يكن أحد من أهل مكّة أحقّ بمنزله منهم) (١) ، روي : (أنّها كانت تدعى السّوائب في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر ، من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن) (٢).
والإلحاد هو الشّرك بالله تعالى ، وقيل : كلّ ظالم فيه فهو ملحد. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [احتكار الطّعام بمكّة إلحاد](٣). وأمّا دخول الباء في قوله : (بِإِلْحادٍ) فعلى معنى : ومن إرادته فيه بأن يلحد بظلم. وقيل : الإلحاد دخول مكة بغير إحرام ، وأخذ حمام مكّة وأشياء كثيرة لا يجوز للمحرم أن يفعلها. قوله تعالى : (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) خبر لكل ما تقدّم من الجملتين من قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ) ، ومن قوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ).
قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ؛) معناه : واذكروا إذ جعلنا البيت مثوى لإبراهيم ومنزلا. قال الحسن : (بوّأناه نزّلناه) ، وقال مقاتل : (دللناه عليه) (٤) ، وقيل : هيّأنا ، نظيره (تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ)(٥) ، (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ)(٦) ، (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً)(٧) ، وقيل : معنى (بَوَّأْنا) أي بيّنّا له مكان البيت.
قال السديّ : (لمّا أمر الله تعالى ببناء البيت لم يدر إبراهيم أين يبني ، فبعث الله إليه ريحا ، فكشفت له ما حول الكعبة عن الأساس الأوّل الّذي كان البيت عليه قبل أن يرفع أيّام الطّوفان) (٨) ، وقال الكلبيّ : (فبعث الله إليه سحابة على قدر البيت
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٩٠٥).
(٢) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٢٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجة عن علقمة بن نضلة).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : ج ٨ ص ٢٤٨٤ الرقم (١٣٨٦٥). والبيهقي في شعب الإيمان : الحديث (١١٢٢١) كلاهما عن ابن عمر.
(٤) في تفسير مقاتل : ج ٢ ص ٣٨١.
(٥) آل عمران / ١٢١.
(٦) الأعراف / ٧٤.
(٧) العنكبوت / ٥٨.
(٨) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٨٢٩). وابن أبي حاتم في التفسير : ج ٨ ص ٢٤٢٦.