فيها رأس يتكلّم فقامت بحيال البيت ، وقالت : يا إبراهيم إبن على قدري) ، قوله تعالى : (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) أي قلنا له وأوحينا إليه أن لا تعبد معي غيري.
قوله تعالى : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢٦) أي طهّر من ذبائح المشركين ، ومما كانوا يطرحون حوله من الدّم والفرث ، وقيل : طهّره من عبادة الأوثان ، ومن دخول المشركين فيه. قوله تعالى : (لِلطَّائِفِينَ) الذين يطوفون حوله ، وأما القائمون الرّكّع السّجود فهم المصلّون.
قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ؛) أي وعهدنا إلى إبراهيم أيضا أن أذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالا ، فقال : يا رب وما يبلغ صوتي؟ فقال : عليك الأذان وعليّ البلاغ ، فصعد أبا قبيس ، ونادى في الناس : ألا إنّ ربّكم قد بنى بيتا ، وأمركم أن تحجّوه فحجّوه ، فاسمع الله نداءه جميع من في أصلاب الرجال وأرحام النّساء ، وما بين المشرق والمغرب ، والبرّ والبحر ، فلبّاه كلّ حجر ومدر ، وكلّ مؤمن ومؤمنة في أصلاب الآباء وأرحام الأمّهات ، قالوا : لبّيك اللهمّ لبّيك ، فجعل الله التلبية شعارا للحجّ ، فكلّ من حجّ فهو ممن أجاب إبراهيم عليهالسلام.
قوله تعالى : (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ ؛) معناه : يأتوك مشاة على أرجلهم وعلى كلّ جمل مهزول أضمره السفر ، ورجال جمع راجل ، نحو صاحب وأصحاب. وعن ابن عبّاس أنه قال : (ما ندمت على شيء فاتني إلّا أنّي لم أحجّ راجلا) (١) ، وقد حجّ الحسن بن عليّ رضي الله عنهما خمسا وعشرين حجّة ماشيا من المدينة إلى مكّة ، وأن النّجائب لتقاد معه.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال للحجّاج : [للرّاكب كلّ خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة ، وللحاجّ الماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم] قيل : وما حسنات الحرم؟ قال : [الحسنة بمائة ألف](٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٩٤٩). وابن أبي حاتم في التفسير : ج ٨ ص ٢٤٨٨.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٢٦٩٦). والحاكم في المستدرك : كتاب المناسك : الحديث (١٧٣٥). وفي مجمع الزوائد : ج ٣ ص ٢٠٩ ؛ قال الهيثمي : (رواه البزار والطبراني في الأوسط