قوله تعالى : (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) (٤٩) ؛ أي وترى يا محمّد الذين أجرموا يوم القيامة (مُقَرَّنِينَ) أي مجموعين مع الشياطين (فِي الْأَصْفادِ) أي في الأغلال والسّلاسل ، كما روي في الخبر : [أنّه يقرن كلّ كافر مع شيطانه في غلّ من حديد وقيد من حديد]. والأصفاد الأغلال ، واحدها صفد وصفاد. وقيل : الأصفاد الأغلال والقيود.
قوله تعالى : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ ؛) أي قميصهم من نار سوداء كالقطران ، وهو الذي تهنأ (١) به الإبل ، ومن قرأ (من قطر) فالمعنى : من نحاس مذاب قد بلغ النهاية في الحماية. وتحتمل أنّهم يسربلون سربا ؛ لأن أحدهما من القطر ، والآخر من القطران.
قوله تعالى : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (٥٠) ؛ أي يعلو وجوههم النار ، وذلك أنّ بين الكافر وشيطانه حجرا من الكبريت يشتعل في وجهه ، (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ؛) ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٥١) ؛ إذا حاسب فحسابه سريع ؛ لأنه لا يحاسب بعقد وإشارة ، ولا يتكلّم بلسان ، وإنه يكلّم الجميع في وقت واحد.
قوله تعالى : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ؛) أي هذا القرآن ذكر بالغ وموعظة كافية للناس ، وليخوّفوا بذكر العقاب ، (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢) ؛ أي ليتّعظ ذوو العقول من الناس ، فيوصلهم ذلك إلى الجنة ، ويخلّصهم من النار.
عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام ، وبعدد من لم يعبدها](٢).
آخر تفسير سورة (إبراهيم) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) تهنأ به : تدهن ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٥٨٦٠) عن الحسن قال : (يعني الخضخاض هناء الإبل).
(٢) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٥ ص ٣٠٤ ، بإسناد واه.