تعالى : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢١) ؛ أي ما ننزّل الرزق والمطر إلا بمقدار معلوم تقتضي الحكمة إنزاله ، ويعلم الخزّان مقاديره ، كما روي في الخبر : [مع كلّ قطرة ملك يضعها في موضعها ، إلّا يوم الطّوفان فإنّه طغى الماء يومئذ على خزّانه ، فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذ](١).
قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ؛) أي ذات لقاح تأتي بالسّحاب وتلقح الشّجر ، فالريح هي الملقّحة للسّحاب ؛ أي المحمّلة للسحاب المطر ، قال ابن مسعود : (يبعث الله الرّيح فتلقح السّحاب ، ثمّ تمرّ به فيدرّ كما تدرّ النّعجة ، ثمّ يمطر) ، وعنه أيضا قال : (خلق الله الماء في الرّيح فتفرغه الرّيح في السّحاب ثمّ تمرّ به) (٢). قوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ ؛) يعني المطر ، (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) (٢٢) ؛ أي لستم لذلك الماء بخازنين ولا مفاتيحه بأيديكم.
قوله تعالى : (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) (٢٣) ؛ أي نحيي بالبعث في الآخرة ، ونميت في الدنيا ونحن الوارثون لما في السّموات والأرض بعد موت أهلها ، ومعنى الإرث : الخلائق كلّهم يموتون ولا يبقى إلا الله عزوجل ، وما يبقى للحيّ بعد الميت يسمّى ميراثا.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) (٢٤) أي علمنا الأوّلين منكم وعلمنا الآخرين ، وقيل : ولقد علمنا السّابقين منكم إلى الطاعة ، ولقد علمنا المتأخّرين عن الطاعة.
وعن ابن عبّاس قال : (كانت امرأة حسناء تصلّي خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آخر النّساء ، وكان بعضهم يتقدّم في الصّفّ الأوّل لئلّا يراها ، وكان بعضهم يكون في آخر الصّفّ ، فإذا ركع تقول هكذا ، ونظر إليها من تحت إبطه ، فأنزل الله هذه الآية) (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان عن الحكم بن عتيبة بلاغا.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٥٩٤٦) عن ابن مسعود بأسانيد.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٥٩٧٣).