وقوله تعالى : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها ؛) أي إذا أخرج يده من هذه الظّلمات لم يرها ولم يقارب أن يراها من شدّة الظلمات ، فكذلك الكافر لا يبصر الحقّ والهدى. وقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (٤٠) ؛ أي من لم يهده الله فما له من إيمان ، ومن لم يجعل الله له نورا في الدّنيا ، فما له من نور.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ الله تعالى خلقني من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر وعائشة من نور أبي بكر ، وخلق المؤمنين من أمّتي من نور عمر ، وخلق المؤمنات من أمّتي من نور عائشة. فمن لم يحبّني ويحبّ أبا بكر وعمر وعائشة ؛ فما له من نور فينزل عليه ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور](١).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ ؛) معناه : ألم تعلم ؛ (أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ ؛) أي ينزّهه ؛ (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من العقلاء وغيرهم ، وكنّى عن الجميع بكلمة (مَنْ) تغليبا للعقلاء على غيرهم. وقيل : أراد بالآية العقلاء ، وهذا عموم أراد به الخصوص في أهل الأرض وهم المؤمنون.
قوله تعالى : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ؛) أي ويسبح له الطير باسطات أجنحتها في الهواء ، والبسط في اللغة : الصّفّ (٢) ، والصّفّ في اللغة هو البسط ، ويسمّى القديد صفيفا لأنه يبسط. وخصّ الطير بالذّكر من جملة الحيوان ؛ لأنّها تكون بين السّماء والأرض ، وهي خارجة عن جملة من في السّموات والأرض.
قوله تعالى : (كُلٌّ ؛) أي كلّ من هؤلاء ، (قَدْ عَلِمَ ؛) الله ؛ (صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ.) قال المفسّرون : الصلاة لبني آدم ، والتسبيح عامّ لما سواهم من الخلق. وفيه وجوه من التأويل :
__________________
(١) أخرجه الثعلبي في التفسير : ج ٧ ص ١١١ ، عن أنس ، وفي إسناده متهمون. وذكره السيوطي في ذيل اللآلي : ج ١ ص ٥٠ ، فالحديث موضوع.
(٢) (الصف) سقطت من المخطوط.