ضيف (١) وعدوّ ، ومنه قوله (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ)(٢) ، وقيل : إنّما قال (رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ولم يقل رسولا ؛ لأنّه أراد المصدر ؛ أي رسالة ، وتقديره : ذوو رسالة (٣) رب العالمين ، كقول الشّاعر :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بسرّ ولا أرسلتهم برسول (٤) |
أي برسالة ، وقيل : معناه : وكلّ واحد منّا رسول رب العالمين.
قوله تعالى : (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٧) ؛ أي بأن أرسل معنا بني إسرائيل إلى فلسطين ولا تستعبدهم. وكان فرعون استعبدهم أربعمائة سنة ، وكانوا في ذلك الوقت ستّمائة ألف وثلاثين ألفا ، فانطلق موسى وهارون بالرّسالة إلى مصر ، فلمّا بلغوا دار فرعون لم يؤذن لهم بالدّخول عليه إلّا بعد مدّة ، فدخل البوّاب ؛ وقال لفرعون : هذا إنسان يدّعي أنه رسول رب العالمين ، فقال فرعون : إئذن له لعلّنا نضحك منه. فدخلا عليه وأدّيا رسالة الله تعالى.
فعرف موسى ؛ لأنه نشأ في بيته ، ف (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ؛) أي صبيّا صغيرا ، (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) (١٨) ؛ وهي ثلاثون سنة ، (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ ؛) يعني قتل قبطيّ ، (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (١٩) ؛ أي من الجاحدين لنعمتي ، وحقّ تربيتي ، فربّيناك فينا وليدا ، فهذا الذي كافأتنا به أن قتلت منّا نفسا ، وكفرت بنعمتنا.
ويروى أنّ موسى لمّا انطلق إلى مصر لتبليغ الرّسالة ، وكان هارون يومئذ بمصر ، التقى كلّ واحد منهما بصاحبه ، فانطلقا كلاهما إلى فرعون ، أدّيا جميعا الرسالة ، وعرف فرعون موسى ، قال له فرعون : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) أي صغيرا ، ومكثت
__________________
(١) في المخطوط : (صيف) بالمهملة ، والمناسب كما أثبتناه.
(٢) الكهف / ٥٠.
(٣) في المخطوط : (وارساله) ولا تؤدي المعنى ، وضبطنا النص كما في معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ج ٤ ص ٦٦. والجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٩٣.
(٤) ينظر : لسان العرب : مادة (رسل). والبيت لكثير.