قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠) ؛ أي أتل على قومك أو اذكر لقومك : (إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) حين رأى الشجرة والنار ، وقال له : يا موسى ائت القوم الظّالمين ، يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية ، وظلموا بني إسرائيل بأن ساموهم سوء العذاب ، (قَوْمَ فِرْعَوْنَ.)
ثم أخبر عنهم فقال : (أَلا يَتَّقُونَ) (١١) ، عقابي في مقامهم على الكفر وترك الإيمان. (قالَ) موسى : (رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (١٢) ؛ بالرّسالة ويقولون : ليست من عند الله ، (وَيَضِيقُ صَدْرِي ؛) بتكذيبهم إيّاي ، (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي ؛) للعقدة التي فيه ، (فَأَرْسِلْ) جبريل (إِلى هارُونَ) (١٣) ليكون معي معينا يؤازرني على إظهار الدّعوة وتبليغ الرّسالة. (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ؛) أي دعوى ذنب ؛ يعني الوكزة التي وكزها القبطيّ فمات منها ، (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (١٤) ؛ بوشايته.
قوله تعالى : (قالَ كَلَّا ؛) أي كلّا لا يقتلونك لأنّي لا أسلّطهم عليك ، (فَاذْهَبا ؛) أنت وأخوك ، (بِآياتِنا ؛) يعني بما أعطاهما من المعجزة ، (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (١٥) ؛ وإنّما قال (مَعَكُمْ) لأنه أجراها مجرى الجماعة ، والمعنى : أسمع ما يقولونه وما يجيبونك به.
وقيل : إنّ معنى قوله (كَلَّا) أي قال الله لموسى : إرتدع (١) عن هذا الظّنّ وهذا الخوف ، (فَاذْهَبا بِآياتِنا) أي بدلائلنا (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) أي شاهدون بحفظكم ونصركم.
قوله تعالى : (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) ؛ أي (رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) إليك لتؤمننّ بالله وتطلق بني إسرائيل عن الاستعباد ، وترسلهم معنا إلى الأرض المقدّسة ، والرّسول يذكر ويراد به الجمع ، كما تقول العرب :
__________________
(١) في المخطوط : (أن تدع) وهو تحريف. وضبط النص كما في معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ج ٤ ص ٦٦.