قوله تعالى : (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) (١٥١) ؛ أي أمر رؤسائكم وكبرائكم الذين يفرطون في الشّرك والمعاصي ، (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ؛) قال مقاتل : (هم التّسعة الّذين عقروا النّاقة ، وهم الّذين يفسدون في الأرض بالمعاصي) (١)(وَلا يُصْلِحُونَ) (١٥٢) ؛ أي ولا يطيعون الله فيما أمرهم.
قوله تعالى : (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ؛) أي قال له قومه : إنّما أنت ممّن سحر مرّة بعد مرة ، فلا نؤمن بك. ويقال : المسحّر هو المعلّل بالطعام والشّراب ، والسّحر مجرى الطعام ، يقال : انتفخ سحره ؛ أي رئته والمعنى : لست بملك ، إنّما أنت بشر مثلنا لا تفضلنا في شيء ، لست بملك ولا رسول ، (فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (١٥٤) ؛ إنك رسول الله إلينا.
قال ابن عبّاس : (سألوه أن يخرج لهم ناقة حمراء عشراء من صخرة ملساء ، فتضع ونحن تنظر ، وترد هذا الماء فتشرب. فخرج بهم إلى تلك الصّخرة الّتي ذكروها ، ثمّ دعا الله تعالى فتمخّضت تلك الصّخرة كما تتمخّض المرأة الحامل عند الولادة ، فخرجت منها ناقة على الصّفة الّتي سألوها لا نظير لها في النّوق ، وكان يسدّ جنباها ما بين الجبلين من عظمها) (٢).
ف (قالَ) لهم صالح : (هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (١٥٥) ؛ أي اجعلوا الشّرب بينها وبينكم مناوبة ، لها نوبة يوم لا تحضرون معها ، ولكم نوبة يوم لا تحضر معكم. قال قتادة : (فكان يوم شربها تشرب ماءهم كلّه أوّل النّهار ولا يبقى لهم منه شيء ، وتسقيهم اللّبن حتّى تملأ جميع آنيتهم ، فإذا كان يوم شربهم كان الماء لهم ولمواشيهم لا تزاحمهم النّاقة فيه) (٣). والشّرب في اللغة : هو النّصيب من الماء ، والشّرب بضمّ الشين المصدر ، والشّرب بفتح الشين جماعة الشّراب.
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٦٠.
(٢) ذكره ابن عادل مختصرا في اللباب في علوم الكتاب : ج ١٥ ص ٦٦.
(٣) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ١٣٠.