قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ ؛) بالعذاب في الدّنيا ، (فَأَهْلَكْناهُمْ ؛) بالرّيح. وقوله تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ) أي كذبوا هودا بعد وضوح الحجّة فأهلكناهم بريح صرصر عاتية.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ؛) أي إنّ في إهلاكنا إياهم مع شدّة قوّتهم لآية بأضعف الأشياء وهي الريح للدلالة على وحدانيّتنا وصدق نبوّة هود ، (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣٩) ؛ بالله ؛ فإنه لم يؤمن منهم إلّا قليل ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٤٠).
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٤٥) ؛ ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ) (١٤٦) ؛ أي قال لهم صالح : أتتركون في الدّنيا آمنين من الموت والعذاب تأكلون وتشربون وتمتّعون ولا تكلّفون. وقوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (١٤٧) ؛ أي أتظنّون أنّكم تتركون في بساتين ومياه ظاهرة ، (وَزُرُوعٍ ،) وحروث ، (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) (١٤٨) ؛ أي ثمرها نضيج مدرك ناعم ، والنّضيج : هو الرّخو اللّيّن اللطيف البالغ ، (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ ؛) أي تنقبون في الجبال (بُيُوتاً فارِهِينَ) (١٤٩) ؛ أي أشرين بطرين.
وقرأ ابن عامر والكوفيّون : (فارِهِينَ) بالألف أي حاذقين بنحتها ، مأخوذ من قولهم : فره الرجل فراهة فهو فاره ، ويقال : الفره والفاره بمعنى واحد. وقيل : إنّ الهاء من قوله (فرهين) بدل من إلحاق الفرح في كلام العرب : الأشر والبطر (١) ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)(٢) ، (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (١٥٠).
__________________
(١) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٢٤. وإعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ١٢٨.
(٢) القصص / ٧٦.