فأهلكوا بالصّيحة ، صاح بهم جبريل فهلكوا جميعا) (١).
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٩٢) ؛ أي وإنّ القرآن لإنزال ربّ العالمين ، (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (١٩٣) ؛ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص (نَزَلَ) بالتخفيف ورفع الحاء ، يعنون نزل جبريل بالقرآن ، وقرأ الباقون بالتشديد والنّصب ؛ أي نزّل الله جبريل بالقرآن وهو أمين (٢) ، قوله تعالى : (عَلى قَلْبِكَ ؛) أي نزل به فأودعه قلبك كي لا تنساه ، قوله تعالى : (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (١٩٤) ؛ أي من المعلمين بموضع المخافة ، (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥) ؛ أي لتنذر العرب بلغتهم فيكون ذلك أقرب إلى فهمهم ، وأقطع لعذرهم.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) (١٩٦) ؛ يعني أن ذكر القرآن مذكور في كتب الأوّلين ، ولم يرد به غير القرآن ؛ لأنه تعالى خصّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم بإنزال القرآن عليه ، فلو كان مذكورا بعينه في الكتب لبطل التخصيص ، ولكنّه تعالى ذكر في الكتب المتقدّمة أنه سيبعث نبيّا في آخر الزمان صفته كذا ، وسينزل عليه كتابا صفته كذا كما قال الله تعالى : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ)(٣) ، وهذا معنى قوله (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(٤) أي مذكور في الصّحف الأولى أن الناس في الغالب يؤثرون الدّنيا على الآخرة ، وأنّ الآخرة خير وأبقى.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٩٧) ؛ روي أن سبب نزولها أنّ أهل مكّة بعثوا إلى أهل الكتاب يستخبرونهم عن محمّد صلىاللهعليهوسلم وعن ما يدّعي من الرّسالة وصدقوهم في بعثه وصفته ، فأخبرهم أهل الكتاب أنّ ذكره عندنا وأنه مبعوث فاتّبعوه. والمعنى : أولم يكن لأهل مكّة علامة لنبوّة محمّد صلىاللهعليهوسلم أن يعلمه علماء بني إسرائيل مثل عبد الله بن سلام وأصحابه.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٣٣٦).
(٢) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(٣) الأعراف / ١٥٧.
(٤) الأعلى / ١٨ ـ ١٩.