القتال). قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (٨٦) ؛ أي الخالق للإنسان ، العالم بتدبير خلقه.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧) ؛ أي أكرمناك يا محمّد بسبع من المثاني ، قيل : هي السبع الطّوال ، وهي السور السبع من أوّل البقرة إلى الأنفال والتوبة ، وهما جميعا سورة واحدة ، وسميت هذه السورة مثاني ؛ لأنّه ثنّى فيها الأقاصيص ، والأمر والنهي ، والوعيد ، والمحكم ، والمتشابه.
وقال ابن عبّاس : (السّبع المثاني فاتحة الكتاب) (١) هكذا روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حيث قال : [ما أنزل الله في التّوراة والإنجيل والزّبور مثل فاتحة الكتاب ، وإنّها السّبع المثاني](٢).
وإنما سمّيت هذه السورة مثاني ؛ لأنّها تثنى في كلّ صلاة. وإنما خصّ هذه السورة من جملة القرآن تعظيما لها ؛ لأن كمال الصلاة متعلّق بها ، كما خصّ جبريل وميكائيل من جملة الملائكة تعظيما لهما. قوله تعالى : (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) أي وآتيناك القرآن العظيم.
وقوله تعالى : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ؛) أي لا تنظرنّ بعين الرّغبة إلى ما أعطينا من الأموال رجالا من بني قريظة والنّضير وغيرهم من قريش ، فإنّ ما نعطيك من النبوّة والقرآن أعظم مما أعطيناهم من الأموال ، (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ؛) بما أنعمنا عليهم من ما لم ننعم به عليك.
ويقال : لا تحزن على هلاكهم إن لم يؤمنوا ، وهذا القول أقرب ؛ لأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان لا يجوز أن يحسد أحدا بما أنعم الله به عليه من نعيم الدّنيا ، وإنما كان يحزن على إصرارهم على الكفر. قوله تعالى : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨) ؛ أي
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦١٠٣ و ١٦١٠٤) عن ابن مسعود رضي الله عنه ، والأثر (١٦١٠٥) عن ابن مسعود رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٦١٣١). والترمذي في الجامع الصحيح : أبواب التفسير : الحديث (٣١٢٥) ، وفي أبواب فضائل القرآن : الحديث (٢٨٧٥) ، وقال : حسن صحيح.