ومنهم الحارث بن قيس أكل حوتا مالحا فأصابه عطش شديد فلم يزل يشرب حتى انقدّ مكانه فمات.
ومنهم الأسود بن عبد المطلب بن الحارث ، قعد إلى أصل شجرة ، فجعل جبريل يضرب رأسه على الشّجرة حتى مات ، وكان يستغيث بغلامه ، فقال غلامه : لا أرى أحدا صنع بك شيئا غير نفسك.
ومنهم الأسود بن عبد يغوث خرج من أهله فأصابه السّموم فاسودّ حتى صار حبنا (١) ، وأتى أهله فلم يعرفوه فأغلقوا دونه الباب حتى مات.
ومنهم الوليد بن المغيرة خرج يتبختر في مشيته حتى وقف على رجل يعمل السّهام ، فتعلّق سهم بثوبه فجعل رداءه على كتفه فأصاب السهم أكحله فقطعه ، ثم لم ينقطع عنه الدم حتى مات ، فذلك قوله (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) أي بك وبالقرآن (٢).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (٩٧) ؛ أي ولقد نعلم يا محمّد أنّك يضيق صدرك بما يقولون من التكذيب بأنّك شاعر وساحر وكاهن. قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ؛) أي فصلّ بأمر ربك ، واحمده بالثّناء عليه ، (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (٩٨) ؛ أي من العابدين لله. قوله تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٩٩) ؛ أي استقم على عبادة ربك وطاعته حتى يأتيك الموت ، سمّاه يقينا ؛ لأنه موقن به.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما أوحي إليّ أن أجمع المال وأكون من التّاجرين ، ولكن أوحي إليّ أن أسبح بحمد ربي وأكون من السّاجدين](٣) ، وقال الضحّاك :
__________________
(١) الحبن : انتفاخ البطن من داء.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (١٦١٧٦ ـ ١٦١٧٩).
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية : ج ٢ ص ١٣١ عن أبي مسلم الخولاني مرسلا. وفي الدر المنثور : ج ٤ ص ١٠٥ ؛ قال السيوطي : (أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمي عن أبي مسلم الخولاني). والبغوي في معالم التنزيل رواه بسنده عنه أيضا موصولا عن جبير بن نفير رضي الله عنه.