وعن أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم وفي هذه الآية قال : [فو ربك لنسئلنهم يوم القيامة عن قول لا إله إلّا الله](١) وقال عبد الله : (والّذي لا إله غيره ما منكم أحد إلّا ويسأله الله يوم القيامة فيقول : يا ابن آدم ما ذا عملت؟ يا ابن آدم ما ذا أجبت المرسلين) (٢).
واعترضت الملحدة على هذه الآية ، وعلى قوله تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(٣) وحكموا عليهم بالتناقض!
والجواب : إنه لا يقال لهم هل عملتم (٤) كذا ؛ لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن نقول لهم : لم عملتم كذا ، وقال قطرب : (السّؤال على ضربين : سؤال استعلام واستخبار ، وسؤال تقرير وتوبيخ ، فقوله تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) يعني لا يسألهم سؤال استخبار ؛ لأنّه عالم قبل أن يخلقهم ، وقوله تعالى : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) سؤال تقرير وتقريع).
قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٩٤) ؛ أي أظهر أمرك بمكّة واتركهم حتى يجيء أمر الله بقتالهم ، وكان صلىاللهعليهوسلم مستخفيا بمكّة قبل نزول هذه الآية ، لا يظهر شيئا مما أنزل الله عليه ، فلما نزلت هذه الآية أظهر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أمره وأعلنه بمكّة.
قوله تعالى : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) بك ، (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٩٦) ؛ وهم خمسة نفر أهلكهم الله في يوم واحد ، منهم العاص بن وائل ، نزل شعبا من ذلك الشّعاب ، فلمّا وضع قدمه على الأرض قال : لدغت ، فطلبوا فلم يجدوا شيئا ، فانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٦١٦٢). والترمذي في الجامع : أبواب التفسير : الحديث (٣١٢٦) وضعفه.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦١٦٥).
(٣) الرحمن / ٣٩.
(٤) في المخطوط : (علمتم) وهو تحريف ، والصحيح كما أثبتناه ؛ لأنه مقتضى السياق.