وقوله تعالى : (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ؛) أي ينصر محمدا صلىاللهعليهوسلم على أعدائه ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٥) ؛ أي هو العزيز بالنّقمة ممن عصاه ، الرّحيم بأوليائه وهم المؤمنون.
قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ؛) نصب على المصدر ؛ أي وعد الله ذلك وعدا وهو راجع إلى قوله (سَيَغْلِبُونَ) أي وعد الله ذلك لا يخلف الله وعده بظهور الروم على فارس ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٦) ؛ إنّ الله لا يخلف وعده ؛ لأن أكثرهم كفّار.
وقوله تعالى : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ؛) يعني معايشهم وما يصلحهم (١). قال الحسن : (يعلمون متى زرعهم ومتى حصادهم ، ويعلمون وجوه الاكتساب من التّجارة والزّراعة والحراثة والغراسة ، وما يحتاجون إليه في الشّتاء والصّيف) قال الحسن : (بلغ والله من علم أحدهم في الدّنيا أنّه ينقر الدّراهم بيده فيخبرك بوزنه ولا يحسن يصلّي!) (٢).
وقوله تعالى : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٧) ؛ أي هم مع علمهم بأمور الدّنيا لا يعلمون ما طريقة الدليل من أمر الآخرة ، وما يكون فيها من البعث والثواب والعقاب ، فهم غافلون عمّا هو أولى بهم ، وعما يلزمهم من الاستعداد لذلك.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) ، أي في خلق الله إيّاهم ، (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، فتعلمون أنّ الله لم يخلق السّموات والأرض ، (وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ؛) إلّا بالحقّ ؛ أي إلّا الحقّ ، (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) ، ومعنى الآية : أو لم يتفكّر أهل مكّة بقلوبهم فيعلمون أنّ الله ما خلق السّموات والأرض ، وما فيهما
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٢٣٩) عن إبراهيم ، و (٢١٢٤١) عن عكرمة. وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٤٦٦).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٠٣. وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ٤٨٤ ؛ قال السيوطي :
(أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه وأوله (ليبلغ من جذق أحدهم ...). أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٤٦٧).