وقال الفرّاء : (ينقطع كلامهم وحجّتهم) ، وقيل : معنى (يُبْلِسُ) أي يفتضح ، وقيل : معناه : يندمون ، وقيل : المبلس الساكت المنقطع عن حجّته الآيس من أن يهتدي إليها ، قال الشاعر (١) :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا |
|
قال : نعم أعرفه وأبلسا |
والمجرمون هم المشركون. قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ ؛) أي لم يكن للكفار ممّن أشركوه في العبادة شفعاء يشفعوا لهم إلى الله ، (وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) (١٣) ؛ أي يتبرّؤن منها ويتبرّؤن منهم.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) (١٤) ؛ أي واذكر (يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) الخلائق في طريق الجنّة ، وطريق النّار. وقيل : معناه : يوم القيامة يتفرّقون بعد الحساب إلى الجنّة والنار فلا يجتمعون أبدا.
وقال الحسن : (إن كانوا اجتمعوا في الدّنيا ليفترقنّ يوم القيامة ؛ هؤلاء في علّيّين ، وهؤلاء في أسفل سافلين) (٢) ، وهو قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) (١٥) ؛ أي في الجنّة ينعّمون ويكرمون بالتحف ويسرّون.
والحبرة السّرور. وقيل : الحبرة كلّ نعمة حسنة ، والتّحبير التحسين. وسمّي العالم حبرا لتخلّقه بأحسن أخلاق المؤمنين ، ويسمّى المداد حبرا لأنه تحسن به الأوراق ، وقيل : معنى الآية : فهم في رياض الجنّة يتلذذون.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) ، وكذبوا بالبعث بعد الموت ، (فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) (١٦) ؛ أي يحضرون في العذاب ، ويحبسون.
__________________
(١) الشاعر هو العجاج ، ومعنى المكرس : الذي صار فيه الكرس ، وهو الأبوال والأبعار المكان الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت ، فركب بعضه بعضا. وينظر : معاني القرآن للفراء : ج ٢ ص ٣٢٣.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٤٧٥) بأسانيد.