والكتابة المذكورة تعود إمّا إلى الآيات المذكورة في أوّل السورة ، وإما الى (سَبِيلِ اللهِ) ، والسبيل يؤنّث لقوله (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(١).
قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً ؛) أي أعرض عن قبولها متعظّما عن الإيمان بها ، (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ؛) أي ثقلا يمنعه عن السّماع ، (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٧) ؛ وجيع في الدّنيا قبل أن يصل إلى الآخرة ، وهو ما روي : (أنّه أخذ أسيرا يوم بدر فقتل صبرا).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩) ؛ ظاهر المعنى.
وقوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ؛) أي جبالا ثم أرسيت أوتاد لها لئلّا تميد بأهلها ، (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ ؛) أي فرّق الدوابّ الكثيرة في الأرض ، (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً ؛) يعني المطر ، (فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (١٠) ؛ أي من كلّ نوع حسن.
وقوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ ؛) أي هذا الذي ذكرت لكم مما تعاينون خلق الله ، (فَأَرُونِي ؛) أيّها الكفار ، (ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ؛) أيّ شيء خلقه الذي تعبدون من دونه ، فلم تجدوا شيئا يشيرون إليه من خلق غيره ، ولم يقدروا على جواب هذا الكلام ، فقيل : (بَلِ الظَّالِمُونَ ؛) أي الكافرون ، (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ؛) يعني العقل والعلم والعمل به ، والإصابة في الأمور. واتّفق العلماء على أن لقمان حكيما (٢) ، ولم يكن نبيّا إلّا عكرمة
__________________
(١) يوسف / ١٠٨.
(٢) أخرج الطبري في جامع البيان الآثار عن مجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب في الآثار : (٢١٣٨٥ ـ ٢١٣٩٤) بأن لقمان كان حكيما ولم يكن نبيا.