إلى دينه ، فمضت على هذا أيّاما ، فبلغ من أمرها إلى أن تداخل بعض أسنانها في بعض ، فأنزل الله هذه الآية ، فقال سعد : (لو كان لها سبعون نفسا فخرجت ما ارتددت عن الإسلام) ففتح فاها وصبّ فيه الطّعام والشّراب (١). ومعنى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) أي أمرناه ببرّ والديه عطفا عليهما.
وقوله تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ ؛) أي ضعفا على ضعف ، ومشقّة على مشقة ، كلّما ازداد الولد في الرّحم كبر ، ازدادت الأمّ ضعفا.
قوله تعالى : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ ؛) أي وفطامه في انقضاء عامين ، وقدّره بعامين بناء على الأغلب ، ولأنّ الرّضاع لا يستحقّ بعد هذه المدّة. والفصال هو الفطام ، وهو أن يفصل الولد عن الأمّ كي لا يرضع. والمعنى بهذا ذكر مشقّة الوالدة بإرضاع الولد عامين. وروي عن يعقوب : (وفصله في عامين) بغير ألف (٢).
قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ؛) أي قلنا له اشكر لي على خلقي إياك ، وعلى إنعامي عليك ، واشكر لوالديك على تربيتهما إياك. وقال مقاتل : (اشكر لي إذ هديتك للإسلام ، ولوالديك بما أولياك من النّعم) (٣).
قوله تعالى : (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤) ؛ أي مصيرك ومصير والديك ، وعن سفيان بن عيينة في قوله : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قال : (من صلّى الصّلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا للوالدين في إدبار الصّلوات فقد شكر للوالدين) (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٤٠٠ ـ ٢١٤٠٣). واختلفوا في سعد ، هل هو سعد ابن مالك أم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما؟ وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ٥٢١ ؛ قال السيوطي : (أخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي قال : إن سعد بن أبي وقاص قال : ...) وذكر الحديث بطوله ، وقد تقدم في العنكبوت.
(٢) في المحرر الوجيز : ص ١٤٨٦ ؛ قال ابن عطية : (وقرأ الجمهور (وفصاله) وقرأ الحسن وأبو رجاء والجحدري ويعقوب : (وفصله)). ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٦٤. واللباب في علوم الكتاب : ج ١٥ ص ٤٤٦.
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز : ص ١٤٨٦. والجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٦٥. واللباب في علوم الكتاب : ج ١٥ ص ٤٤٦.