وقيل : معنى (ثُمَّ سَوَّاهُ) يعني الماء المهين جمعه وخلقه وصوّره ونفخ فيه من روحه ؛ أي نفخ فيه الروح الذي يحيا به الناس. أضاف الله ذلك إلى نفسه لأنه هو الخالق.
قوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ؛) أي قال الكفار : إئذا هلكنا وانقطعت أوصالنا وذهبت آثارنا وصرنا ترابا ، فلم يتبيّن شيء من خلقنا ، أنبعث بعد ذلك؟! هذا لا يكون أبدا. ومعنى الضّلالة في اللغة : الغيبوبة ، يقال : ضلّ متاع فلان وضاع ، بمعنى واحد.
وقوله تعالى : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) (١٠) ؛ أي ليس كما يقولون أنّهم لا يبعثون ، بل هم بلقاء ربهم كافرون.
قوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ؛) أي يقبض أرواحكم أجمعين ملك الموت ، (الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ؛) قال مجاهد : «حويت له الأرض فجعلت له مثل طست ، يتناول منها حيث يشاء» (١). وقال الكلبيّ : «اسم ملك الموت عزرائيل ، وله أربعة أجنحة : جناح منها بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، والخلق بين رجليه ورأسه وجسده ، وجعلت له الدّنيا مثل راحة اليد لصاحبها ، يأخذ منها ما أمر بقبضه من غير مشقّة ولا عناء ، وله أعوان من ملائكة الرّحمة ومن ملائكة العذاب» (٢).
وعن أنس بن مالك قال : [لقي جبريل ملك الموت بنهر فارس ، فقال : يا ملك الموت كيف تستطيع قبض الأنفس ، هاهنا عشرة آلاف ، وها هنا كذا وكذا؟ قال عزرائيل (٣) : تزوى لي الأرض حتّى كأنّها بين فخذيّ فألتقطهم بيديّ].
وقال صلىاللهعليهوسلم : [إذا حان أجل الرّجل ، أتاه ملك فقال : أيّها العبد كم خبر بعد خبر ، وكم رسول بعد رسول؟ أنا الخبير ليس بعدي خبير ، وأنا الرّسول ليس بعدي
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٥٠٠).
(٢) ذكر مقاتل بعضه في التفسير : ج ٣ ص ٢٨.
(٣) في المخطوط : (جبرائيل) وهو تصحيف.