رسول ، أجب ربّك طائعا أو مكروها. فإذا قبضت روحه وتصارخوا عليه ، قال : على من تصرخون وعلى من تبكون؟ والله ما ظلمت لكم أجلا ولا أكلت لكم رزقا ، بل دعاه ربّه ، فليبك الباكي على نفسه ، فإنّ لي فيكم عودات وعودات حتّى لا أبقي منكم أحدا](١).
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١١) ؛ أي تصيرون إليه أحياء فيجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؛) يعني كفار مكّة ناكسوا رؤوسهم حياء وندما ، والمعنى : ولو ترى يا محمّد إذ المجرمون مطرقوا رؤوسهم من الخزي وشدة الندم في يوم القيامة عند علمهم بأن الحجّة قد قامت عليهم من كلّ جهة ، وأنّهم لا مهرب لهم من العذاب ، وذلك هو الغاية في الوجل والخجل ، يقولون : (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا ؛) أي لك الحجّة علينا لأنا أبصرنا رسلك وسمعنا كلامهم ، (فَارْجِعْنا ؛) أي ولكن نسألك أن ترجعنا إلى الدّنيا حتى ، (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (١٢) ؛ بك وبكتابك وبرسلك. وهذه الآية محذوفة الجواب ؛ أي لو رأيت يا محمّد ، لرأيت غاية ما تعتبر به.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٨٣٢) عن أبي جعفر محمّد بن علي رضي الله عنهما. وفي مجمع الزوائد : ج ٢ ص ٣٢٦ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عمر ابن شمر الجعفي والحارث بن خزرج ولم أجد من ترجمهما ، وبقية رجاله رجال الصحيح) وأوله : [ونظر إلى ملك الموت]. عن الحارث بن خزرج قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ... وذكره.
وأما الحارث بن خزرج ، فهو الحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غنم بن سالم بن عوف ابن خزرج الأنصاري. من الصحابة المقلّ ين ، قال القرطبي : كان من القواقلة. ترجم سيرته ابن عبد البر في الاستيعاب : ج ١ ص ٣٥٢ : الرقم (٤١٢). وابن حجر في الإصابة : الرقم (١٤٠١).
وأما عمر بن شمر الجعفي ، فهو عمرو بن شمر الجعفي ، ترجم سيرته ابن عدي في الكامل : ج ٦ ص ٢٢٦ : الرقم (٣٢٥ / ١٢٩٢) ، وذكر عن حسين الجعفي قال : (أؤذن وكان عمرو بن شمر يؤمّهم ، فمكثت ثلاثين سنة أجتهد أن أسبقه إلى المسجد أو أخرج بعده فلم أقدر) وقال : سمعت ابن حماد يقول : قال السعدي : عمرو بن شمر زائغ كذاب. ونقل عن النسائي قال : عمرو بن شمر كوفي متروك الحديث.