وقوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ ؛) أي وأما الذين خرجوا من طاعة الله بكفرهم ، فمأواهم النار ، (كُلَّما ؛) رفعهم لهب النار إلى أعلاها ، فظنّوا أنّهم يخرجون منها ف ، (أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) ، ردّتهم ملائكة العذاب إلى أسفلها بمقامع من حديد ، (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٠) ؛ في الدّنيا.
وقوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى ؛) قيل : إن المراد بالعذاب الأدنى هو القحط والجوع الذي أصاب أهل مكّة سبع سنين حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. وقيل : هو القتل يوم بدر. وقيل : العذاب الأدنى هو مصائب الدنيا وأسقامها وبلاؤها. وقيل : العذاب الأدنى هو عذاب القبر ، والعذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة. وقوله تعالى : (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ؛) يعني بالعذاب الأكبر عذاب الآخرة ، وقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢١) ؛ أي أخبرناهم ليرجعوا عن الكفر.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها ؛) ظاهر المعنى. قوله : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (٢٢) ؛ يعني الذين قتلوا ببدر ، وعجّلنا أرواحهم إلى النار. وأراد بالمجرمين المشركين. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [ثلاث من فعلهنّ فقد أجرم : من عقد لواء في غير حقّ ، أو عقّ والديه ، أو مشى مع ظالم لينصره ، قال الله تعالى : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)](١).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ؛) أعطيناه التوراة جملة واحدة ، (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ ؛) وعد النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن سيلقى موسى قبل أن يموت ، ثم لقيه في السّماء ليلة المعراج أو في بيت المقدس حين أسري به ، والمعنى : فلا تكن في شكّ من لقاء موسى. قال ابن عباس : «يعني ليلة الإسراء» (٢). ويقال : أراد
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الحديث (١٧٨٥٧) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول ... وذكره. والطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٥٥٨) واللفظ لابن أبي حاتم كما في التفسير.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٥٥٩) مطولا.