به لقاؤهما في الجنّة. ويقال : أراد به لقاء الله. ويقال : أراد به أن يلقى محمّد صلىاللهعليهوسلم من قومه الأذى مثل ما لقي موسى من قومه.
قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٣) ؛ أي جعلنا التوراة هدى لبني إسرائيل من الضّلالة ، (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً ؛) أي جعلنا من بني إسرائيل أئمّة ، (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ؛) يدلّون الناس على ديننا فيقتدى بهم ، فهم أنبياؤهم ومن استقام منهم على الدّين. وقوله تعالى : (لَمَّا صَبَرُوا ؛) أي لما صبروا جعلناهم أئمّة ، كأنه قال : إن صبرتم على طاعتنا وصبرتم على معصيتنا جعلناكم أئمّة.
قرأ حمزة والكسائي : (لما صبروا) بكسر اللام وتخفيف الميم ؛ أي لصبرهم. ومعنى القراءة الأولى : حين صبروا. والمعنى : لمّا صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوّهم بمصر ، (وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٢٤) ؛ أي ولكونهم موقنين بآياتنا. قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ؛) أي هو الذي يقضي بين المؤمنين والكفار يوم القيامة ، (فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢٥) ؛ من الدّين.
ثم خوّف كفار مكة فقال : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ ؛) أي أو لم يتبيّن لهم آثار عذاب الاستئصال فيمن أهلك قبلهم من الأمم الماضية المكذّبة ما يكون عبرة لهم ، يمشون في مساكن المهلكين على منازلهم وقراهم ، مثل آثار عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ ؛) أي إنّ في إهلاكنا إياهم بالتكذيب ، (لَآياتٍ ؛) لدلالات واضحة لمن بعدهم ، (أَفَلا يَسْمَعُونَ) (٢٦) ؛ سماع القبول والطاعة. ومن قرأ (أو لم نهد) بالنون ، فالمعنى بإضافة الفعل إلى الله عزوجل.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ ؛) معناه : أولم يعلموا أنا نسوق المطر بالسّحاب والرياح إلى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها ولا شجر ، (فَنُخْرِجُ بِهِ ؛) بذلك المطر ، (زَرْعاً ؛) رزقا ، (تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ ؛) أي تأكل أنعامهم من ساقها ، (وَأَنْفُسُهُمْ ؛) وهم يأكلون من حبها ، (أَفَلا يُبْصِرُونَ) (٢٧) ؛ أفلا يعقلون.