وقوله تعالى : (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ ؛) أي من ظلمات المعاصي والجهل (إِلَى النُّورِ ؛) العلم والطاعة ، وقيل : من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. وقوله تعالى : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٤٣) ؛ أي لم يزل رحيما بهم إذ رضي عنهم وأمر الملائكة بالاستغفار لهم.
قوله تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ ؛) أي تحية المؤمنين من الله تعالى (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ) أن يسلّم عليهم ، يقول لهم الملائكة بأمر الله : السّلام عليكم ؛ مرحبا بعبادي المؤمنين الّذين أرضوني في دار الدّنيا باتّباع أمري. ونظير هذا قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ)(١). وقوله تعالى : (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (٤٤) ؛ أي رزقا حسنا في الجنّة ، وقيل : الأجر الكريم هو الذي يكون عظيم القدر.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً ؛) على أمّتك وعلى جميع الأمم بتبليغ الرّسالة ، (وَمُبَشِّراً ؛) للخلق بالجنّة والثواب لمن أطاع الله وصدّقك ، (وَنَذِيراً) (٤٥) ؛ أي ومخوّفا بالنار والعقاب لمن عصى الله تعالى وكذبك. وقوله تعالى : (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ ؛) أي وأرسلناك للناس راعيا للخلق إلى دين الله تعالى بأمره ، يعني إنّه أمرك بهذا. وقوله تعالى : (وَسِراجاً مُنِيراً) (٤٦) ؛ أي وأرسلناك سراجا مضيئا لمن تبعك واهتدى بك ، كالسّراج في الظّلمة يستضاء به.
وإنّما سمّي النبيّ عليهالسلام سراجا ؛ لأنّه بعث والأرض في ظلمة الشّرك ، فكان حين بعث كالسّراج في الظّلمة. وقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) (٤٧) ؛ أراد بالفضل الكبير مغفرة الله لهم ، وما أعدّ لهم في الجنّة.
قوله تعالى : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ ؛) فيما يطلبونه منك ، فقد ذكرنا تفسيره في أوّل السّورة. وقوله تعالى : (وَدَعْ أَذاهُمْ) أي اصبر على أذاهم واحتمل منهم ، ولا تشتغل بمجازاتهم إلى أن تؤمر فيهم بأمر ، وهذا منسوخ بآية
__________________
(١) الزمر / ٧٣.