السّيف. وقوله تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ؛) أي فوّض أمورك إليه ، فإنه سيكفيك أمرهم إذا توكّلت عليه ؛ أي توكّل عليه في كفاية شرّهم وأذاهم ، (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٤٨) ؛ إذا وكّلت أمرك إليه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ؛) أي إذا تزوّجتموهنّ من قبل أن تجامعوهن ، (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) ، تستوفونها بالعدد لا بالحيض ولا بالشّهور. والاعتداد هو استيفاء العدد ، أسقط الله العدّة من المطلّقة قبل الدّخول لبراءة رحمها ، فلو شاءت تزوّجت من يومها.
قوله تعالى : (فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٤٩) ؛ أي أعطوهنّ متعة الطلاق ، وهذا على سبيل الوجوب فيمن يدخل بها ولم يسمّ لها مهرا ، وعلى النّدب في من سمّى لها مهرا ثم طلّقها قبل الدّخول.
وقال سعيد بن المسيّب : (نسخ حكم هذه الآية بقوله في سورة البقرة (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ)(١)). وقال الحسن : (المتعة واجبة لكلّ مطلّقة ومختلعة وملتعنة ، ولكن لا يجير عليها الزّوج) (٢).
وقوله تعالى : (وَسَرِّحُوهُنَّ) أراد له التسريح عن المنزل لا عن النكاح ؛ لأن حقّ الحبس لا يثبت إلّا بأحد الأمرين : إما النكاح ؛ وإما العدّة ، وقد عدّ ما جميع في هذا الموضع بعدد الطّلاق المذكور.
والسّراح الجميل : هو الذي لا يكون فيه جفوة ولا أذى ولا منع حقّ. قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله (فَمَتِّعُوهُنَّ) : (أي أعطوهنّ المتعة ، قال : وهذا إذا لم يكن سمّى لها صداقا ، فأمّا إذا فرض لها صداقا فلها نصف) (٣).
__________________
(١) الآية ٢٣٧.
(٢) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٢٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد) وذكره بمعناه.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٧٧٦). وأبن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٧١٧). وفي الدر المنثور : ج ٦ ص ٦٢٥ ؛ عزاه السيوطي لابن المنذر أيضا.