قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) أي أبحنا لك نساءك اللّاتي تزوّجتهن بمهور مسمّاة ، وأعطيت مهورهنّ ، وسمّى المهر أجرا لأنه يجب بدلا عن منافع البضع ، كما أنّ الأجر يجب بدلا عن منافع الدّار والعبد.
قوله تعالى : (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ ؛) أي وأبحنا لك ما ملكت يمينك ؛ يعني الجواري التي يملكها. وقوله تعالى : (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ ؛) أي ممّا أعطاك الله من الغنيمة مثل جويريّة بنت الحارث ، وصفيّة بنت حييّ بن أخطب. ويدخل في هذه اللفظة الشّراء والتزوّج ، كما روي في صفيّة [أنّه عليهالسلام أعتقها ثمّ تزوّجها ، وجعل عتقها صداقها](١).
قوله تعالى : (وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ ؛) أراد به إباحة تزويج بنات عمّه وبنات عمّاته من (٢) بني عبد المطّلب ، (وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) ، وبنات خاله وبنات خالاته ؛ يعني نساء بني زهرة من بني عبد مناف. وقوله تعالى : (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ ؛) أي هاجرن معك من مكّة إلى المدينة ، وهذا إنّما كان قبل تحليل غير المهاجرات ، ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل.
قوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ؛) بلا مهر إن أراد النبيّ أن يتزوّجها ، ومن قرأ (وَهَبَتْ) بالفتح ، فمعناه : أحللناها أن وهبت ، وهي قراءة الحسن ، فالفتح على الماضي والكسر على الاستئناف (٣) ، وقوله تعالى : (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها ؛) أي إن أراد النبيّ أن يتزوّجها فله ذلك. وقوله تعالى :
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٤ ص ٥٤ : الحديث (١٨٠ ـ ١٨٢). والبخاري في الصحيح : كتاب النكاح : باب من جعل عتق الأمة صدقها : الحديث (٥٠٨٦).
(٢) في المخطوط : (عن).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٢٠٩ ؛ قال القرطبي : (وقرأ الحسن البصري وأبي بن كعب والشعبي (أن) بفتح الألف ، وقرأ الأعمش : (وامرأة مؤمنة وهبت). قال النحاس : (وكسر (إِنْ) أجمع للمعاني ؛ لأنه قيل : إنهن نساء ، وإذا تفح كان على واحدة بعينها ؛ لأن الفتح على البدل من المرأة ، أو بمعنى (لأن). ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ٢١٩.