قال أنس : (فلمّا نزلت آية الحجاب جئت لأدخل كما كنت ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [وراءك يا أنس]) (١).
ومعنى الآية : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) صلىاللهعليهوسلم (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي إلا أن يدعوا إلى الضيافة أو يؤذن لكم في الدخول ، من غير أن يجتنبوا وقت الطعام فيستأذنوا في ذلك الوقت ، ثم تقعدوا انتظارا لبلوغ الطعام ونضجه.
ومعنى : (غَيْرَ ناظِرِينَ) أي منتظرين نضجه وإدراكه ، يقال : أنى يأني إناه ، إذا حان وأدرك ، وكانوا يدخلون بيته فيجلسون منتظرين إدراك الطعام ، فنهوا عن ذلك.
قوله تعالى : (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) ، أي فتفرّقوا ، (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) ، ولا تجلسوا مستأنسين لحديث بعد أن تأكلوا ، (إِنَّ ذلِكُمْ) ، إنّ طول مقامكم بعد في منزل النبي عليهالسلام ، (كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ) ، صلىاللهعليهوسلم ، (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) ، أن يأمركم بالخروج ، (وَاللهُ) ، عزوجل ، (لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) ، أي لا يمنعه عن بيان ما هو الحقّ استحياء منكم ، وإن كان رسوله يفعل ذلك.
قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ، أي إذا سألتم أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم من متاع البيت ، فخاطبوهم من وراء الباب والسّتر ، قال مقاتل : (أمر الله المؤمنين أن لا يكلّموا نساء النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلّا من وراء حجاب) (٢). وعن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر : (يا رسول الله إنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب ، فنزلت آية الحجاب) (٣).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان عمر يقول : يا رسول الله احجب نساءك ، فلم يفعل حتّى نزلت هذه الآية) (٤). وعن عامر رضي الله عنه قال : (مرّ عمر رضي الله عنه على
__________________
(١) في مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٩٣ ؛ قال الهيثمي : (رواه أبو يعلى وفيه سلم العلوي وهو ضعيف).
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٥٢ ـ ٥٣.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٨٣٧).
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الوضوء : باب خروج النساء إلى البراز : الحديث (١٤٦).