نساء النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال لهنّ : احتجبن ؛ فإنّ لكنّ على النّساء فضلا كما أنّ لزوجكنّ على الرّجال فضلا. فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى نزلت آية الحجاب).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : (أمر عمر بن الخطّاب نساء النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : الحجاب ، فقالت زينب : يا ابن الخطّاب إنّك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا؟!) (١). وقال أنس : (كنت أدخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغير إذن ، فجئت يوما لأدخل فقال : [مكانك يا بنيّ ، قد حدث بعد أن لا يدخل علينا إلّا بإذن](٢).
وعن اسماعيل بن أبي حكيم (٣) في قوله تعالى : (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) قال : (هذا أدب أدّب الله به الثّقلاء) (٤). وقالت عائشة رضي الله عنها : (حسبك من الثقلاء أن الله لم يحتملهم فقال : (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا)(٥).
قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ، أي سؤالكم إياهن المتاع من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الرّيبة. وهذا الحكم في الحجاب وإن نزل في أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فالمعنى عامّ فيه وفي غيره ، ونحن مأمورون باتباعه والاقتداء به ، إلا فيما خصّه الله به دون أمّته.
قوله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، أي ليس لكم أن تؤذوه بالدخول في منزله بغير إذنه ، ولا بالحديث مع أزواجه ولا بشيء من الأشياء ، ولا يحلّ لكم ذلك.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٣١٨٣٣) وإسناده ضعيف ، قاله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٢٢٤.
(٢) تقدم.
(٣) في المخطوط : (اسماعيل بن حكيم) والصحيح : اسماعيل بن أبي حكيم ، وكما في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : ج ١٤ ص ٢٢٤.
(٤) اسماعيل بن أبي حكيم القرشيّ ، كان عاملا لعمر بن عبد العزيز ، توفي سنة (١٣٠) من الهجرة ، وكان قليل الحديث ؛ قال ابن عبد البر في التمهيد : (كان فاضلا ثقة ، وهو حجة فيما روى عنه جماعة من أهل العلم). ينظر : تهذيب التهذيب : الرقم (٤٧٠).
(٥) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ٢٢٤ ؛ قال القرطبي : (وقال ابن أبي عائشة في كتاب الثعلبي) وذكره. وعلى ما يبدو أنه تحريف من ناسخ المخطوط.