موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر (١).
قال : فذهب يغتسل مرّة ، فوضع ثوبه على حجر ، فذهب الحجر بثوبه ، فخرج موسى من الماء في إثر الحجر ، يقول : ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنوا إسرائيل إلى سوأته عليهالسلام ، فقالوا : والله ما به من بأس. فقام الحجر بعد ما نظروا إليه وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضربا. قال أبو هريرة : [والله إنّ بالحجر ندب ستّة أو سبعة من ضرب موسى](٢). قوله تعالى : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) أي حظيّا لا يسأله شيئا إلا أعطاه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) ، أي اتّقوا عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، (وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٧٠) ، قال ابن عباس : (صوابا) ، وقال الحسن : (صادقا) يعني كلمة التوحيد : لا إله إلّا الله.
وقوله تعالى : (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ، قال ابن عبّاس : (معناه : يتقبّل حسناتكم) (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، بسداد قولكم ، (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١) ، أي فقد نال الخير كلّه وظفر به ، والفوز العظيم هو الظّفر بالكرامة والرضوان من الله تعالى.
قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) ، معناه : إنا عرضنا الأمانة التي هي الشرائع والفرائض التي يتعلّق بأدائها الثواب وبتركها العقاب. قال ابن عباس : (عرضت الأمانة على السّموات السّبع الّتي زيّنت بالنّجوم وحملت العرش العظيم ، فقيل لهنّ بأخذ الأمانة بما فيها ، قلن : وما فيها ، قيل : إن أحسنتنّ جزيتنّ ، وإن أسأتنّ عوقبتنّ ، قلن : لا. ثمّ عرضت الأمانة على الجبال الصّمّ الشّوامخ الصّلاب البواذح) (٣) ، (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها). قال
__________________
(١) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : (آدر : هو بهمزة ممدودة ثم دال مهملة مفتوحة ثم راء مخففتين ، قال أهل اللغة : هو عظيم الخصيتين). المجلد الثاني : ص ٢٧٢.
(٢) أصل هذا القول حديث أبي هريرة كما في الصحيحين ، أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الغسل : باب من اغتسل عريانا وحده : الحديث (٢٧٨). ومسلم في الصحيح : كتاب الحيض : باب جواز الاغتسال عريانا : الحديث (٧٥ / ٣٣٩).
(٣) البذح : الشّقّ ، وفي رجل فلان بذوح ؛ أي شقوق. ينظر : لسان العرب : (بذح) : ج ١ ص ٣٥٠.