في السّماء ؛ أي من يصعد ، (فِيها ؛) من الملائكة الحفظة لديوان العباد ، وما يرتفع فيها من الرّياح والحرّ والبرد ، ويعلم ما يصعد فيها من أعمال العباد. يقال : عرج يعرج ؛ إذا صعد ، وعرج يعرج إذا صار أعرجا.
وقوله تعالى : (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (٢) ؛ أي الرّحيم بعباده ، الغفور لمن استحقّ المغفرة.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ؛) أي قال الكفّار : لا تأتينا القيامة ، (قُلْ ؛) لهم يا محمّد : (بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ؛) على ما أخبر الله تعالى ، (عالِمِ الْغَيْبِ.)
قرأ حمزة والكسائيّ (عالِمِ الْغَيْبِ) بخفض الميم على وزن فعال على المبالغة ، كقوله : علّام الغيوب ، وقرأ نافع وابن عامر : (عالم) برفع الميم على تقدير : هو عالم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمر وعاصم (عالِمِ) بالكسر نعت لقوله (وَرَبِّي)(١).
قوله تعالى : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ ؛) أي لا يغيب عنه ولا يبعد عليه معرفة وزن ذرّة ، (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ؛) وخصّ الذرّة بالذّكر لأنّها أصغر شيء يدخل في أوهام البشر ، وهذا مثل ؛ لأنه سبحانه لا يخفى عليه ما هو دون الذرة ، والمعنى : الله يعلم كلّ شيء دقّ أو جلّ. قوله تعالى : (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣) ؛ الكتاب المبين في هذه الآية هو اللّوح المحفوظ.
وقوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤) ؛ معناه : لتأتينّكم الساعة ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات على أعمالهم بالمغفرة والرّزق الكريم ؛ أي الثواب الحسن في الجنّة.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ ؛) أي سعوا فيها بعد ظهورها ووضوحها بالتكذيب لها والجحود بها ، مقدّرين أنّهم سيفوتوننا ، ويعاجزون
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء : ج ٣ ص ٣٥١.