إئت به. وقال بعضهم : هو يا إلهنا وإله كلّ شيء ، يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلّا أنت. وقال الحسن : (اسم الله الأعظم : يا رحمن ، وذلك أنّه لا يسمّي أحد بهذين الاسمين على الإطلاق غير الله عزوجل).
قوله تعالى : (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا ؛) أي فلمّا رأى سليمان العرش مستقرّا ، (عِنْدَهُ) ، نابتا بين يديه ، (قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ؛) أي هذا التمكين من حصول المراد من حصول فضل الله وعطائه ، (لِيَبْلُوَنِي ؛) أي ليختبرني ويمتحنني على هذه النعمة ، (أَأَشْكُرُ ؛) أأشكره فيما أعطاني من نعمة ، (أَمْ أَكْفُرُ ؛) أي أترك شكرها ، (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ؛) أي من شكر نعمة ربه فإنّما منفعة شكره راجع إلى نفسه ، يعني ثواب شكره يعود إليه ، (وَمَنْ كَفَرَ ؛) أي ترك شكر نعمته ، (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ ؛) عنه وعن شكره ، (كَرِيمٌ) (٤٠) ؛ يقبل الشّكر ؛ أي ويزيد عليه في النعمة في الدّنيا ويثيب عليه في العقبى.
قوله تعالى : (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها ؛) قال سليمان : غيّروا سريرها وزيدوا فيه وأنقصوا منه حتى ، (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ.)
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ ؛) أي فلما جاءت بلقيس إلى سليمان ، قيل : أهكذا سريرك؟ فجعلت تعرف وتنكر ، وعجبت من حضوره عند سليمان ، و (قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ؛) وقال مقاتل : (عرفته ولكنّها شبّهت عليه كما شبّهوا عليها ، ولو قيل لها : أهذا عرشك؟ لقالت : نعم. فقيل لها : فإنه عرشك ، فما أغنى عنك إغلاق الأبواب ، وكانت قد خلّفته وراء سبعة أبواب لمّا خرجت والمفاتيح معها ، فلم تقرّ ولم تنكر ، فعلم سليمان كمال عقلها) (١).
وقال عكرمة : (كانت حكيمة ، قالت : إن قلت هو هو خشيت أن أكذب ، وإن قلت لا خشيت أن أكذب) (٢) فلم تقل نعم ، ولا قالت لا ؛ لأنه كان يشبه سريرها ، وشكّت في وصوله إلى سليمان بعد أن وضعته في أحصن المواضع ، وشكّت أيضا لما أحدثوا فيه من التغيّر.
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٧٨.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٦٣.