صيحة واحدة من إسرافيل ، يعني نفخة البعث ، (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) (١٩) ؛ أي بعث الذي كذبوا به.
فلما عاينوا البعث ذكروا قول الرسل في الدّنيا أنّ البعث حقّ ، فدعوا بالويل ، (وَقالُوا يا وَيْلَنا ؛) من العذاب ، (هذا يَوْمُ الدِّينِ) (٢٠) ؛ أي هذا يوم الحساب والجزاء نجازى فيه بأعمالنا. فقالت الملائكة : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ ؛) يوم القضاء ، (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢١) ؛ يفصل به بين المسيء والمحسن ، والمحقّ والمبطل ، وهو اليوم الذي كنتم به تكذّبون في الدّنيا.
قوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ ؛) أي فيقال لخزنة جهنّم : اجمعوا الذين ظلموا وقرناءهم من الشّياطين الذين قبضوا لضلالتهم ، ويقال : أراد بالأزواج نظراءهم وأشكالهم من الأتباع. والزّوج في اللغة : النظير ، ومن ذلك : زوجان من الخفّ. ويقال : أراد بالأزواج نساءهم ، سواءا أكانت امرأة الكافر كافرة أو منافقة ، والمعنى : اجمعوا الذين ظلموا من حيث هم إلى الوقف للجزاء والحساب ، والمراد بالذين ظلموا المشركين.
قوله تعالى : (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ ؛) يعني اجمعوا المشركين وأتباعهم وأوثانهم وطواغيتهم وأصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، قال مقاتل : (يعني إبليس وجنوده) (١) فهم الّذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، قال الله تعالى : (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ)(٢). قوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (٢٣) ؛ أي سوقوهم واذهبوا بهم إلى فريق الجحيم.
فلما انطلق بهم إلى جهنّم أرسل ملك يقول لخزنة جهنّم : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢٤) ؛ أي اسألهم في موضع الحساب ، يسألوا ويعرفوا أعمالهم ، وهذا سؤال توبيخ لا سؤال استفهام ، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : (إنّهم مسؤولون عن
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٩٧.
(٢) يس / ٦٠.