والتدمير : هو الإهلاك على وجه عظيم قطيع. واختلفوا في كيفيّة هلاكهم ، قال ابن عبّاس : (أرسل الله الملائكة تلك اللّيلة إلى دار صالح يحرسونها ، وجاءت التّسعة إلى دار صالح شاهرين سيوفهم ، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث كانوا يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم) (١). وقال مجاهد : (نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح ، فختم عليهم الجبل فأهلكهم وأهلك الله قومهم أجمعين بصيحة جبريل عليهالسلام).
قوله تعالى : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ؛) أي خاوية عن الأهل والخير والنّعمة بسبب ظلمهم لم يبق فيها منهم ديّار ، قرأ العامّة (خاوية) بالنصب على الحال ، والمعنى : فانظر إلى بيوتهم خاوية بما ظلموا ؛ أي بظلمهم وشركهم أهلكناهم حتى جعلنا بيوتهم خاوية ؛ أي منازلهم ساقطة على عروشها.
وقيل : (خاوية) نصب على القطع ، تقديره : فتلك بيوتهم الخاوية ، فلما قطع منها الألف واللام نصب ، كقوله (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً.)(٢) وقرأ عيسى بن عمر (خاوية) بالرفع على الخبر.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٥٢) ؛ أي إنّ في إهلاكنا إيّاهم لدلالة ظاهرة وعبرة لمن علم توحيد الله وقدرته. قوله تعالى : (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ؛) أي أنجينا الذين آمنوا بصالح من العذاب (وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٥٣) ؛ الشّرك والعقاب.
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ؛) أي واذكر لوطا إذ قال لقومه : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ؛) يعني اللّواطة ، سمّاها فاحشة لعظم قبحها ، (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٥٤) ؛ أي وأنتم تعلمون أنّها فاحشة. وقيل : وأنتم تبصرون بعضكم بعضا وكانوا لا يستترون.
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٦٤.
(٢) النحل / ٥٢.