والمراد بتحين : حين. فمن قال : إنّ التاء مع لا ، فالوقف عليه بالتاء. وروي عن الكسائيّ (ولاه) بالهاء في الوقف ، ومثله روى قنبل عن ابن كثير. ومن قال : إن التاء مع حين لا ، فالوقف عليه ، (ولا) ثم تبتدئ : تحين مناص (١).
قال ابن عبّاس : (كان كفّار مكّة إذا قاتلوا فاضطربوا في الحرب ، قال بعضهم لبعض : مناص ؛ أي اهربوا وخذوا حذركم ، فلمّا نزل بهم العذاب ببدر قالوا : مناص ، على عادتهم ، فأجابتهم الملائكة : ولات حين مناص ؛ أي ليس هذا حين منجى) (٢).
وقيل : معناه : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) أي ليس هذا حين نزو ولا حين فرار ، والمناص مصدر من النّوص ، يقال : ناصه ينوصه إذا فاته ، ويكون النّوص بمعنى التأخّر ؛ أي ليس هذا حين التأخّر ، والنّوص هو الفوت والتأخّر.
قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ؛) أي وعجب المشركون أن جاءهم نبيّ منهم يخوّفهم من عذاب الله ، (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) (٤) ؛ يعنون النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وقوله تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً ؛) أي قالوا لفرط جهلهم على وجه الإنكار : أجعل محمّد الآلهة إلها واحدا؟ (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٥) ؛ أمّا هذا الذي يقول محمّد صلىاللهعليهوسلم من ردّ الحوائج إلى إله واحد ، إلّا شيء مفرط في العجب.
والعجاب : ما يكون في غاية العجب ، يقال : رجل طوال ، وأمر كبار ، وسيف قطاع ، وسيل حجاف ، ويراد بذلك كلّ مبالغة.
وذلك أنّ عمر بن الخطّاب لمّا أسلم شقّ على قريش ، فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش وهم الرّؤساء والصّناديد والأشراف ، وكانوا خمسة وعشرين رجلا ، منهم الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم سنّا ، وأبو جهل ، وأبيّ بن خلف ، وأبو البحتري بن
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ٣٠٤.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٠٥. وينظر : الدر المنثور : ج ٧ ص ١٤٤. والجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ١٤٦.