قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ؛) وذلك أنّ المؤمنين ينطلق بهم إلى الجنّة فوجا فوجا بالتلطّف والإكرام ، (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ؛) قال الأخفش : (هذه الواو زائدة) (١) والمعنى : فتحت أبوابها حتّى تكون جوابا لقوله (حَتَّى إِذا جاؤُها). وقال الزجّاج : (القول عندي أنّ الجواب محذوف ، تقديره : حتّى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وسلّم عليهم خزنتها ساروا إلى السّعادة ووصلوا إلى مقصودهم) (٢).
وقيل : هذه الواو واو الحال تقديره : حتى إذا جاؤها وقد فتحت أبوابها ، وأدخل الواو ههنا لبيان أنّها قد كانت مفتّحة قبل مجيئهم ، وحذفها من الآية الأولى لبيان أنّها قد كانت مغلقة قبل مجيئهم.
ويقال : زيدت الواو ههنا لأن أبواب الجنّة ثمانية وأبواب جهنّم سبعة فزيدت الواو فرقا بينهما. وحكي عن أبي بكر بن عيّاش (٣) : (أنّها تسمّى واو الثّمانية) (٤) وذلك أنّ من عادة قريش أنّهم يعدّون العدد من الواحد إلى الثّمانية ، فإذا بلغوا الثّمانية زادوا فيها الواو ، فيقولون : خمسة ستّة سبعة وثمانية ، يدلّ عليه قوله تعالى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ)(٥) ، وقال الله (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ)(٦) فلمّا بلغ الثامن (٧)(وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وقال تعالى (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)(٨) ، وقال تعالى
__________________
(١) قاله الأخفش في معاني القرآن : ج ٢ ص ٦٧٣ ، تحقيق د. عبد الأمير. وج ٢ ص ٤٥٨ ، تحقيق د. فائز.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٧٤ مع بعض التصرف في العبارة. ونقله كما عند المصنف البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٣٣
(٣) في المخطوط : (عن أبي بكر بن عبد أوس) والصحيح : (عن أبي بكر بن عياش) وهو الكوفي الخياط المقرئ ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٨٢٦٥). وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٢٨٥.
(٤) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ص ٣٨٢ ـ ٣٨٣ ؛ قال القرطبي : (وحكى القرطبي عن أبي بكر ابن عياش أن قريشا ...) وذكره. وينظر : ج ١٥ ص ٢٨٥.
(٥) الحاقة / ٧.
(٦) التوبة / ١١٢.
(٧) في المخطوط (الثا) ولم يتمها الناسخ.
(٨) الكهف / ٢٢.