قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً ؛) أي مستقرّا للأحياء والأموات ، كما قال (فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ)(١)(وَالسَّماءَ بِناءً ؛) أي وجعل السّماء سقفا مرفوعا فوق كلّ شيء ، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ؛) أي خلقكم فأحسن خلقكم.
قال ابن عبّاس : (خلق الله ابن آدم قائما معتدلا يأكل بيده ويتناول بيده ، وكلّ ما خلق الله يتناول بفيه) (٢). وقال الزجّاج : (خلقكم أحسن الحيوان كلّه) ، (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ؛) أي من لذيذ الأطعمة وكريم الأغذية.
وقوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ؛) أي الذي فعل ذلك كلّه هو ربّكم فاشكروه ، (فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٦٤) ؛ أي فتعالى الله دائم الوجود لم يزل ولا يزال ربّ كلّ ذي روح من الجنّ والإنس وغيرها ، (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ؛) بلا أوّل ولا آخر ، لم يزل ، كان حيّا ولا يزال حيّا ، منزّه عن كلّ آفات ، وليس أحد غيره من الأحياء بهذه الصّفات ، لا مستحقّ للإلهيّة غيره ، (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٥) ، فوحّدوه مخلصين له الدّين ؛ أي الطاعة ، واشكروه على معرفة التوحيد. قال ابن عبّاس رضي الله عنه : (إذا قال أحدكم : لا إله إلّا الله فيقل في إثرها : الحمد لله رب العالمين) (٣).
وقوله تعالى : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٦) ؛ أي أمرت أن أستقيم على الإسلام.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ؛) أي خلق أصلكم من تراب ، (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ؛) لآبائكم ، (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) ، ثم نقلكم إلى العلقة وهو الدم الغليظ ، (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ ؛) من بطون أمّهاتكم أطفالا واحدا واحدا لذلك
__________________
(١) الأعراف / ٢٥.
(٢) نقله أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٤٤.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣٤٤٢).