لهم ، (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ؛) أي يجيبهم ما سألوه. قال ابن عبّاس : (يثيبهم) ، (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ؛) سوى ثواب أعمالهم تفضّلا عليهم ، وقال أبو صالح : (يشفّعهم في إخوانهم) (١) ، (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) (٢٦).
قوله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ؛) أي لو وسّع على عباده لطغوا وتطاولوا ، وقال مقاتل : (معناه : لو وسّع الله لعباده فرزقهم من غير كسب لعصوا وبطروا النّعمة وطلبوا ما ليس لهم أن يطلبوه) (٢) ؛ لأنّ الّذي يوسّع عليه يرتفع من منزلة إلى منزلة ، ومن مركب إلى مركب ، ومن ملبس إلى ملبس ، ويستطيل بذلك على النّاس ، ويستعين برزق الله على المعصية.
وقوله تعالى : (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ ؛) معناه : ولكن يوسّع على قوم ، ويضيّق على آخرين على ما تقتضيه الحكمة ، (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٢٧) أي أعلم بهم من أنفسهم ، منهم من يصلح له الفقر ولو أغناه لكان شرّا له ، ومنهم من يصلح له الغنى ، ولو أفقره لكان شرّا له.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا ؛) أي ينزّل المطر من بعد ما يئسوا منه ، (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ؛) بإخراج النبات والثّمار ، وقيل : معنى (يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أي يبسط مطره ، (وَهُوَ الْوَلِيُّ ؛) لمن أطاعه ، وقيل : وهو الوليّ بإنزال المطر عاما بعد عام ، (الْحَمِيدُ) (٢٨) ؛ المستحقّ للحمد على خلقه بإنعامه عليهم.
قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ ؛) معناه : ومن دلائل توحيده خلق السّموات والأرض بما فيهما من الشّمس والقمر والنّجوم والجبال والبحار والأشجار (وَما بَثَّ فِيهِما) أي وما فرّق فيهما من الملائكة والناس وغيرهم ، وقيل : معناه : وما بثّ في الأرض من دابّة ، وهذا كقوله
__________________
(١) نقله البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٦٠.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ١٧٨.