قوله تعالى : (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها ؛) أي على النار قبل أن يدخلوها ، (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ ؛) أي أذلّاء من الهوان ، وقيل : ساكنين متواضعين ، (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ؛) أي ينظرون إلى النار سارقة (١) الأعين نظر الخائف ؛ أي من يخافه فزعا منه. وقيل : معنى (خاشِعِينَ) مطرقين من الخجل والوجل ، والطّرف هو العين.
وعن ابن عبّاس أنه قال : (ينظرون بقلوبهم نظر الأعمى ، إذا سمع حسّا وقف مستمعا خائفا منه لأنّ الله تعالى قال : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا)(٢)).
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ؛) أي عرف المؤمنون خسران الكفّار في ذلك اليوم فقالوا : (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بأن صاروا إلى النّار ، وأهليهم في الجنّة بأن صاروا لغيرهم. وقوله تعالى : (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) (٤٥) ؛ أي دائم لا ينقطع ، (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) (٤٦).
قوله : (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ ؛) أي أجيبوا داعي ربكم ، يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ؛) لا يقدر أحد على دفعه وهو يوم القيامة ، (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ ؛) تلجأون إليه ، (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) (٤٧) ؛ ينكر العذاب ويدفعه عنكم ، وقيل : معناه : لا تقدرون أن تنكروا ما توقفون عليه من ذنوبكم وما ينزل بكم.
قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ؛) فإن أعرضوا عن إجابتك يا محمّد فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظ أعمالهم وأقوالهم ، (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ؛) عن الله.
__________________
(١) في المخطوط : (صادقة).
(٢) الاسراء / ٩٧.