قوله تعالى : (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) (٨٨) ؛ من قرأ بنصب اللام ؛ فمعناه : يعلم قيام الساعة ، ويعلم (قيله) محمد يا ربّ ؛ لأن معنى (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ويعلم قيام الساعة. وقيل : انتصب عطفا على قوله (سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) كأنه قال : أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم ونجواهم ، (وَقِيلِهِ) يا ربّ في شكوى منهم إلى ربه. قال المبرّد : (العطف على المنصوب حسن وإن تباعد المعطوف على المعطوف عليه).
ومن قرأ (وَقِيلِهِ) بكسر اللام فهو على معنى : وعنده علم الساعة وعلم قيله. والقيل مصدر كالقول ، يقال : قلت قولا وقيلا وقالا. ولو قرئ (وقيله) بالرفع على معنى : وقيل محمّد صلىاللهعليهوسلم ، هذا كان جائزا في الكلام (١).
قوله تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ؛) أي أعرض عنهم إلى أن تؤمر فيهم بشيء ، (وَقُلْ سَلامٌ) ، قال عطاء : (يريد مداراة حتّى ينزل حكمي) ، ومعناه : المتاركة ؛ أي سلام هجران وترك لا سلام تحيّة ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩) ؛ عاقبة كفرهم ، وماذا ينزل بهم فيندمون حين لا ينفعهم الندم.
ومن قرأ (تعلمون) فعلى الأمر للنبيّ صلىاللهعليهوسلم بأن يخاطبهم بهذا ، قال مقاتل : (نسخ السّيف الإعراض والسّلام) (٢).
آخر تفسير سورة (الزخرف) والحمد لله رب العالمين.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء : ج ٣ ص ٣٨. ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج : ج ٤ ص ٣٢١. وإعراب القرآن للنحاس : ج ٤ ص ٨١ ـ ٨٢.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٠٠ : (فنسخ السيف الإعراض والسّلام).