قوله تعالى : (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (٥٠) ؛ أي يقول لهم الخازن : إنّ هذا العذاب الذي كنتم به تشكّون في الدّنيا أو تكذبون به.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٥٢) الأمين هو المقام الذي أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث ، والمقام هو المجلس ، وقرئ (مقام) بضمّ الميم ، يريد موضع الإقامة ، ومعنى القراءتين واحد.
وقوله : (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ؛) السّندس ما لطف من الدّيباج ، والاستبرق ما غلظ منه مع دقّة السّلك ، وهما نوعان من الحرير. وقوله تعالى : (مُتَقابِلِينَ) (٥٣) ؛ أي يقابل بعضهم بعضا في المجالس بالتحيّة والمحبّة.
قوله تعالى : (كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٥٤) ؛ أي كذلك حالهم في الجنّة ، وقرنّاهم بحور عين ، والحور : الشّديدة بياض العين ، الشديدة سوادها ، البيضاء البشرة والعين ، جمع العيناء ، واسعة العين الحسنة ، قال مجاهد : (الحور : هنّ اللّواتي يحار الطّرف فيهنّ ، يرى مخّ سوقهنّ من وراء ثيابهنّ ، يرى النّاظر وجهه في صدر إحداهنّ كالمرآة من رقّة الجلد وصفاء اللّون) (١).
قوله تعالى : (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ) (٥٥) ؛ فيه بيان أنّ بساتين الجنّة تشتمل على كلّ الفواكه في كلّ وقت من الأوقات بخلاف بساتين الدّنيا ، وقوله تعالى : (آمِنِينَ) من الانقطاع والنّقصان ، وآمنين مما يخاف من الفواكه من التّخم والأمراض والأسقام.
قوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى ؛) أي لا يموتون سوى الموتة التي ذاقوها في الدّنيا ، (وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٥٦) ؛ أي ودفع عنهم ربّهم عذاب النار مع ما أعطاهم من النعيم المقيم. وقوله تعالى : (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥٧) ؛ أي فعل الله ذلك بالمتّقين تفضّلا منه عليهم. وسمي الثواب (فَضْلاً) لأنّ الله تعالى لم يكلّفهم لحاجته ، ولكن ليصلوا إلى ذلك الثواب.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤١١١).