ستذكرونهن لميلكم إليهن وعدم صبركم عنهن فتنطقونه برغبتكم فيهن فاذكروهن (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) مفعول به ، أي جماعا ، يعني لا يصف الراغب فيها نفسه بأنه كثير الجماع أو ظرف على معنى : لا تواعدوهن النكاح في السر ، لأنه مستقبح عند أهل المروة ، قوله (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) استثناء من المفعول المطلق ، أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة ، يعني عدة حسنة مثل أنك الجميلة وإني راغب فيك ، فالمراد منها التعريض ، وقيل : القول المعروف أن يتواثقا (١) على أن لا تتزوج غيره (٢)(وَلا تَعْزِمُوا) أي لا تنووا ولا تقصدوا (٣)(عُقْدَةَ النِّكاحِ) في العدة (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ) أي ما كتب وفرض من العدة (أَجَلَهُ) يعني حتى تنقضي (٤) عدتها (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) أي ما في قلوبكم من الوفاء وغيره (فَاحْذَرُوهُ) أي خافوا عقابه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [٢٣٥] يغفر ولا يعجل بالعقوبة عليكم.
(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦))
ونزل في رجل طلق امرأته وكان لم يسم لها مهرا ولم يجامعها (٥)(لا جُناحَ) أي لا بأس (عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) وقرئ «تماسوهن» بالألف (٦) ، أي ما لم تجامعوهن (أَوْ تَفْرِضُوا) أي ما لم تسموا (لَهُنَّ فَرِيضَةً) أي مهرا بمعنى مفروضة ، وإنما نفي الجناح ، لأن الطلاق مكروه في الشرع لقول النبي عليهالسلام : «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (٧) ، يعني لا حرج عليكم أن تطلقوا النساء قبل المسيس والدخول ، ولا أن تتزوجوهن (٨) ولم تمسوا لهن مهرا فطلقوهن (وَمَتِّعُوهُنَّ) أي أعطوهن المتعة بما ينتفعون به وهي درع وملحفة وخمار على حسب الحال (عَلَى الْمُوسِعِ) أي على ذي السعة واليسر منكم (قَدَرُهُ) بفتح الدال وسكونها (٩) ، أي بقدر وسعه (وَعَلَى الْمُقْتِرِ) أي على الضيق الحال ، يعني العسر (قَدَرُهُ) أي بقدر عسره وضيقه (مَتاعاً) مصدر مؤكد لفعله ، أي متعوهن متاعا (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا) أي واجبا (عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [٢٣٦] أو حق ذلك حقا على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتيع ، وصفهم بالإحسان باعتبار ما يؤول إليه.
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧))
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) أي تجامعوهن وقبل الخلوة بهن (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) أي سميتم لهن مهرا (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) أي فعلى الزوج واجب نصف ما فرض لزوجته من المهر وإن مات أحدهما قبل الدخول فيجب عليه كله (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) أي إلا أن تترك الزوجات المطلقات عن أزواجهن فلا يأخذن منهم شيئا ، فالواو فيه لام الفعل لا للجمع ، والنون ضمير النساء لا للإعراب وإلا لكانت محذوفة ب «أن» ، فظهر الفرق بينه وبين قولك : الرجال يعفون ، فان الواو فيه ضميرهم والنون علم للرفع ، وعطف عليه قوله (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) أي أو يترك الولي الذي يلي عقد نكاحهن ، وهو قول الشافعي في القديم ، وقيل المراد
__________________
(١) أن يتثاوقا ، س : أن يتوافقا ، ب ، أن تتواثقا ، م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ١٣٨.
(٢) نقله المؤلف عن الكشاف ، ١ / ١٣٨.
(٣) ولا تقصدوا ، م ، وتقصدوا ، ب س.
(٤) تنقضي ، ب س : ينقضي ، م.
(٥) اختصره من البغوي ، ١ / ٣٢٤.
(٦) «تمسوهن» : معا ، قرأ الأخوان وخلف بضم التاء وإثبات ألف بعد الميم فيمد لذلك مدا طويلا ، والباقون بفتح التاء من غير ألف ولا مد ووقف عليها يعقوب بهاء السكت. البدور الزاهرة ، ٥١.
(٧) أخرجه أبو داود ، الطلاق ، ٣ ؛ وابن ماجة ، الطلاق ، ١.
(٨) تتزوجوهن ، ب : يتزوجوهن ، م ، تزوجوهن ، س.
(٩) «قدره» : معا قرأ ابن ذكوان وحفص والأصحاب وأبو جعفر بفتح الدال والباقون بسكونها. البدور الزاهرة ، ٥١.