(وَصِيَّةً) بالنصب مصدر ، فعله محذوف ، أي يوصون وصية ، والجملة في محل الرفع خبر المبتدأ ، وقرئ بالرفع (١) ، أي فعليهم وصية ، والجملة خبر (الَّذِينَ) أو حكم الذين يتوفون وصية (لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً) نصب بالوصية أو بفعلها المقدر ، أي الحكم أن يوصوا لهم ما يتمتعن به (إِلَى الْحَوْلِ) أي من النفقة أو السكنى ، و (إِلَى الْحَوْلِ) إما صفة (مَتاعاً) أو متعلق بفعله المقدر إذا كان مصدرا ، أي متعوهن متاعا بما يحتجن إليه ، قوله (غَيْرَ إِخْراجٍ) صفة (مَتاعاً) أو حال من أزواجهم ، أي غير مخرجات من البيت الذي مات فيه الزوج ، قيل معناه : حق على من يموت أن يوصي ورثته بأن ينفقوا على زوجته من تركته ويسكنونها منزله سنة (٢) ، فكان (٣) ذلك واجبا في أول الإسلام ، ثم نسخت النفقة بالميراث الربع والثمن والحول بأربعة أشهر وعشرا (٤) التي تقدم ذكرها تلاوة وهي متأخرة تنزيلا ، واختلف في السكنى فعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا سكنى لهن (٥)(فَإِنْ خَرَجْنَ) من مساكنهن بعد الحول (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيها الأولياء (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) من التزين والتعرض للخطاب (مِنْ مَعْرُوفٍ) أي بما عرف شرعا من التزين لا بما ينكره الشرع ، قيل : الخروج يحتمل أن يكون بعد مضي الحول وأن يكون في الحول إذا خرجت بالعذر في أمر لا بد لها منه (٦)(وَاللهُ عَزِيزٌ) لمن ظلم (حَكِيمٌ) [٢٤٠] في أمره.
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١))
قوله (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ) نزل فيمن سمع قوله تعالى (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)(٧) ، وقال : إن أحسنت فعلت وإن لم أرد لم أفعل (٨) ، فبين تعالى أن يكون لكل مطلقة متاع على الزوج ، أي متعة كما ذكرت في الآية المتقدمة (بِالْمَعْرُوفِ) أي بما عرف حقه على حسب حال الزوج وأكد الوجوب بقوله تعالى (حَقًّا) أي واجبا (عَلَى الْمُتَّقِينَ) [٢٤١] من عقابه تعالى ، قيل : كانت المتعة فيما مر واجبة في مطلقة واحدة وهي المطلقة قبل الدخول ولم يسم (٩) لها مهر وفي الباقيات (١٠) ، أي التي لم يسم لها مهرا (١١) ودخل بها الزوج ، والتي سمي لها مهرا (١٢) ولم يدخل بها ، والتي سمي لها مهرا (١٣) ، ودخل بها الزوج (١٤) كانت مستحقة لزوال ضغن القلوب ، ثم أوجبها الله في هذه الآية لجميع المطلقات ، وقيل : المراد من ال «متاع» ههنا نفقة العدة ، وهي واجبة عند أبي حنيفة رضي الله عنه (١٥).
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢))
(كَذلِكَ) أي مثل ذلك البيان (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) من الأحكام والشرائع (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [٢٤٢] أي تفهمونها وتعملون بها.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ
__________________
(١) «وصية» : قرأ المدينا والمكي وشعبة والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره برفع بالتاء ، والباقون بنصبها. البدور الزاهرة ، ٥١.
(٢) لعل المفسر اختصره من الكشاف ، ١ / ١٤٠.
(٣) فكان ، ب س : وكان ، م.
(٤) وعشرا ، ب س : وعشر ، م ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(٥) لعل المؤلف اختصره من السمرقندي ، ١ / ٢١٥ ؛ والبغوي ، ١ / ٣٣٣ ؛ والكشاف ، ١ / ١٤٠.
(٦) أخذ هذا الرأي عن السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(٧) البقرة (٢) ، ٢٣٦.
(٨) اختصره من البغوي ، ١ / ٣٣٤.
(٩) ولم يسم ، ب س : ولم يسمي ، م ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(١٠) اختصره من السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(١١) مهرا ، س : مهر ، ب م ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(١٢) مهرا ، ب س : مهر ، م ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(١٣) مهرا ، ب س : مهر ، م ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٢١٥.
(١٤) الزوج ، ب م : ـ س.
(١٥) هذا القول منقول عن الكشاف ، ١ / ١٤٠.