ثم نسخ بقوله عليهالسلام : «يا أيها الناس كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة» (١)(وَلا جُناحَ) أي لا إثم (عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ) أي في أن يتراضيا (٢) بعد النكاح على زيادة المهر من جانب الزوج أو على الحط (٣) من المهر من جانب (٤) الزوجة أو أن تهب لزوجها جميع مهرها (مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) أي بعد المفروضة للزوجة ، وقيل : المراد به (٥) المتعة قبل النسخ (٦) ، يعني لا جناح على الزوجين أن يتراضيا على زيادة الأجل والمال (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) فيما رخص لكم من جانب الأجانب (حَكِيماً) [٢٤] فيما حرم عليكم (٧) من المحرمات.
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥))
و «من» شرط في (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) أي غنا وفضلا ، وقوله (٨)(أَنْ يَنْكِحَ) بدل من «طولا» ، أي (٩) من لم يجد منكم سعة من (١٠) المال لأن ينكح (١١)(الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) بفتح الصاد ، أي التي أحصنهن غيرهن من زوج أو ولي وبالكسر (١٢) هنا وفي جميع القرآن إلا في قوله (١٣)(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ)(١٤) قبل ، أي أحصن أنفسهن بالحرية ، وجزاؤه (فمما (مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) أي فليتزوج أمة مؤمنة إذا لم تكن (١٥) تحته امرأة حرة ولا له قدرة من المال أن يتزوج حرة ، وإنما كان نكاح الأمة منحطا عن نكاح الحرة لما فيه من اتباع الولد الأم في الرق ولأنها ممتهنة (١٦) بالخدمة دخولا وخروجا وثبوت حق المولى عليها والعزة من صفات المؤمنين ، وذلك كله مهانة لهم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) في تطييب لقلوبهم بنكاح الإماء ، لا تستنكفوا عن نكاح الإماء ، فان الله أعلم بايمانكم فربما كانت الأمة أفضل بايمانها من الزوج الحر فلا تفاخر (١٧) بالحرية والحسب (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) في الإيمان ، أي بينكم تواصل وتناسب في الدين وإنكم جميعا من آدم ، فلا يفضل حر عبدا إلا برجحان في الدين ، فلا اعتبار بالمال والحسب ، المعنى : أنهم مثلكم (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) أي مواليهن (وَآتُوهُنَّ) أي أعطوهن (أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي مهورهن من غير مطل ، فان تسليمها إليهن تسليم إلى مواليهن (١٨) ، لأنهم وما في أيديهم مال الموالي أو التقدير : فآتوا مواليهن ، فحذف المضاف (مُحْصَناتٍ) أي حال كونهن عفائف (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) أي غير زانيات جهرا (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي أخلاء في السر للزنا ، والخدن الصديق سرا ، فنهى الله تعالى عن نكاح الفريقين جميعا (فَإِذا أُحْصِنَّ) مجهولا ، أي زوجن ، ومعلوما (١٩) ، أي أسلمن أو حفظن فروجهن لأزواجهن (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) أي بزنا (فَعَلَيْهِنَّ) أي فالواجب عليهن (نِصْفُ ما
__________________
(١) رواه أحمد بن حنبل ، ٣ / ٤٠٦ ؛ والدارمي ، النكاح ، ١٦ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ٢٤٠.
(٢) يتراضيا ، ب س : تراضيا ، م.
(٣) أو علي الحط ، ب م : أو الحط ، س.
(٤) من جانب ، ب س : عن جانب ، م.
(٥) به ، س م : ـ ب.
(٦) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ١ / ٣٤٦.
(٧) عليكم ، س م : ـ ب.
(٨) وقوله ، ب م : ـ س.
(٩) أي ، ب س : يعني ، م.
(١٠) من ، ب م : ـ س.
(١١) لأن ينكح ، ب س : لأن تنكح ، م.
(١٢) «المحصنات» : قرأ الكسائي بكسر الصاد ، والباقون بالفتح. البدور الزاهرة ، ٧٨.
(١٣) قوله ، ب م : ـ س.
(١٤) النساء (٤) ، ٢٤.
(١٥) تكن ، ب : يكن ، س م.
(١٦) ممتهنة ، ب س : ممهنة ، م.
(١٧) فلا تفاخر ، ب س : فلا يخافر ، م.
(١٨) إلي مواليهن ، ب م : لمواليهن ، س.
(١٩) «أحصن» : قرأ شعبة والأخوان وخلف بفتح الهمزة والصاد ، والباقون بضم الهمزة وكسر الصاد. البدور الزاهرة ، ٧٨.