(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٦٩)
٢٦٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) من جياد مكسوباتكم ، وفيه دليل وجوب الزكاة في أموال التجارة (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) من الحبّ والثمر والمعادن وغيرها ، والتقدير ومن طيبات ما أخرجنا لكم إلّا أنّه حذف لذكر الطيبات (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) ولا تقصدوا المال الرديء (مِنْهُ تُنْفِقُونَ) تخصونه بالإنفاق ، وهو في محل الحال ، أي ولا تيمموا الخبيث منفقين ، أي مقدرين النفقة (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) وحالكم أنّكم لا تأخذونه في حقوقكم (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) إلّا بأن تتسامحوا في أخذه وتترخصوا فيه ، من قولك أغمض فلان عن بعض حقّه إذا غضّ بصره ، ويقال للبائع أغمض ، أي لا تستقص كأنك لا تبصر ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما كانوا يتصدقون بحشف التمر وشراره فنهوا عنه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌ) عن صدقاتكم (حَمِيدٌ) مستحق للحمد ، أو محمود.
٢٦٨ ـ (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ) في الإنفاق (الْفَقْرَ) ويقول لكم إنّ عاقبة إنفاقكم أن تفتقروا ، والوعد يستعمل في الخير والشرّ (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) ويغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر للمأمور ، والفاحش عند العرب البخيل (وَاللهُ يَعِدُكُمْ) في الإنفاق (مَغْفِرَةً مِنْهُ) لذنوبكم وكفارة لها (وَفَضْلاً) وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم ، أو وثوابا عليه في الآخرة (وَاللهُ واسِعٌ) يوسع على من يشاء (عَلِيمٌ) بأفعالكم ونياتكم.
٢٦٩ ـ (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) علم القرآن والسّنّة ، أو العلم النافع الموصل إلى رضا الله والعمل به ، والحكيم عند الله هو العالم العامل (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) ومن يؤت يعقوب ، أي ومن يؤته الله الحكمة (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) تنكير تعظيم ، أي أوتي (١) ، أي خير كثير (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) وما يتعظ بمواعظ الله إلا ذوو العقول السليمة ، أو العلّام (٢) العمّال ، والمراد به الحثّ على
__________________
(١) في (ز) أي أوتي خيرا.
(٢) في (ز) العلماء.