(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٨)
فيهم. وقوله (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى) جملة مسأنفة مقررة للجملة التي سدّت بلى مسدّها ، والضمير في بعهده يرجع إلى الله تعالى ، أي كلّ من أوفى بعهد الله واتقاه (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) أي يحبهم فوضع الظاهر موضع الضمير ، وعموم المتقين قام مقام الضمير الراجع من الجزاء إلى من ، ويدخل في ذلك الإيمان وغيره من الصالحات وما وجب اتقاؤه من الكفر وأعمال السوء ، قيل نزلت في عبد الله بن سلام ونحوه من مسلمي أهل الكتاب ويجوز أن يرجع الضمير إلى من أوفى ، أي كلّ من أوفى بما عاهد الله عليه ، واتقى الله في ترك الخيانة والغدر فإنّ الله يحبه ، ونزل فيمن حرّف التوراة وبدّل نعته عليهالسلام من اليهود وأخذ الرّشوة على ذلك.
٧٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ) يستبدلون (بِعَهْدِ اللهِ) بما عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول المصدق لما معهم (وَأَيْمانِهِمْ) وبما حلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به ولننصرنّه (ثَمَناً قَلِيلاً) متاع الدنيا من الترؤس والارتشاء ونحو ذلك ، وقوله بعهد الله يقوّي رجوع الضمير في بعهده إلى الله (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) أي لا نصيب (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) بما يسرهم (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) نظر رحمة (وَلا يُزَكِّيهِمْ) ولا يثني عليهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم.
٧٨ ـ (وَإِنَّ مِنْهُمْ) من أهل الكتاب (لَفَرِيقاً) هم كعب بن الأشرف (١) ومالك بن الصيف (٢) وحيي بن أخطب (٣) وغيرهم (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) يفتلونها بقراءته عن (٤) الصحيح إلى المحرّف ، واللّي الفتل وهو الصرف ، والمراد تحريفهم كآية الرجم ونعت محمد صلىاللهعليهوسلم (٥) ونحو ذلك ، والضمير في (لِتَحْسَبُوهُ) يرجع إلى ما دلّ
__________________
(١) كعب بن الأشرف الطائي ، شاعر جاهلي أدرك الإسلام ولم يسلم أكثر من هجو النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه فأمر بقتله ، فقتله خمسة من الصحابة عام ٣ ه (الأعلام ٥ / ٢٢٥).
(٢) مالك بن الصيف من منافقي اليهود.
(٣) حيي بن أخطب النضري ، جاهلي من الأشداء العتاة ، أدرك الإسلام وآذى المسلمين فأسروه يوم قريظة ثم قتلوه وذلك عام ٥ ه (الأعلام ٢ / ٢٩٢).
(٤) في (ظ) على.
(٥) في (أ) و(ظ) عليهالسلام.