(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥) كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٨٦)
الاستعلاء ، وفي البقرة بحرف الانتهاء لوجود المعنيين ، إذ الوحي ينزل من فوق وينتهي إلى الرسل (١) فجاء تارة بأحد المعنيين وأخرى بالآخر ، وقال صاحب اللباب (٢) : الخطاب في البقرة للأمة لقوله قولوا فلم يصح إلّا إلى لأنّ الكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أمتهم جميعا ، وهنا قال قل وهو خطاب للنبي عليهالسلام (٣) دون أمته فكان اللائق به على لأنّ الكتب منزّلة إليه (٤) لا شركة للأمة فيه ، وفيه نظر لقوله تعالى : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) (٥) (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) أولاد يعقوب وكافتهم (٦) أنبياء (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ) كرر في البقرة وما أوتي ولم يكرر هنا لتقدم ذكر الإيتاء حيث قال لما آتيتكم (مِنْ رَبِّهِمْ) من عند ربّهم (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) في الإيمان بهم (٧) كما فعلت اليهود والنصارى (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) موحدون مخلصون أنفسنا له لا نجعل له شريكا في عبادتنا.
٨٥ ـ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ) يعني التوحيد وإسلام الوجه لله ، أو غير دين محمد عليهالسلام (دِيناً) تمييز (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) من الذين وقعوا في الخسران ، ونزل في رهط أسلموا ثم رجعوا عن الإسلام ولحقوا بمكة.
٨٦ ـ (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) والواو في (وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌ) للحال ، وقد مضمرة ، أي كفروا وقد شهدوا أنّ الرسول أي محمدا عليهالسلام (٨) حقّ ، أو للعطف على ما في إيمانهم من معنى الفعل ، لأنّ معناه بعد أن آمنوا (وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) أي الشواهد كالقرآن وسائر المعجزات (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي ما داموا مختارين الكفر ، أو لا يهديهم طريق الجنة إذا ماتوا كفارا.
__________________
(١) في (ز) الرسول.
(٢) صاحب «اللباب» : هو علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري ، أبو الحسن عز الدين ، ابن الأثير ، إمام مؤرخ له مؤلفات ولد عام ٥٥٥ ه ومات عام ٦٣٠ ه (الأعلام ٤ / ٣٣١).
(٣) في (ظ) صلىاللهعليهوسلم.
(٤) في (ز) عليه.
(٥) آل عمران ، ٣ / ٧٢.
(٦) في (ظ) و(ز) وكان فيهم.
(٧) سقطت من (ز).
(٨) ليست في (ظ) و(ز).