(إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢٣)
منامي بقرا مذبحة حولي فأوّلتها خيرا ، ورأيت في ذباب سيفي ثلمة فأوّلتها هزيمة ، ورأيت كأنّي أدخلت يدي في درع حصينة فأوّلتها المدينة) فلم يزل به قوم ينشطون في الشهادة حتى لبس لأمته ، ثم ندموا فقالوا الأمر إليك يا رسول الله ، فقال عليهالسلام : (لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته (١) فيضعها حتى يقاتل) (٢) فخرج بعد صلاة الجمعة وأصبح بالشّعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال.
١٢٢ ـ (إِذْ هَمَّتْ) بدل من إذ غدوت ، أو عمل فيه معنى عليم (طائِفَتانِ مِنْكُمْ) حيّان من الأنصار ، بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس ، وكان صلىاللهعليهوسلم (٣) خرج إلى أحد في ألف والمشركون في ثلاثة آلاف ، ووعدهم الفتح إن صبروا ، فانخذل ابن أبيّ (٤) بثلث الناس وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا ، فهمّ الحيّان باتباعه فعصمهم الله ، فمضوا مع رسول الله (أَنْ تَفْشَلا) أي بأن تفشلا ، أي بأن تجبنا وتضعفا ، والفشل : الجبن والخور (وَاللهُ وَلِيُّهُما) محبّهما أو ناصرهما أو متولي أمرهما ، فما لهما تفشلان ولا تتوكلان على الله (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أمرهم بأن لا يتوكّلوا إلّا عليه ولا يفوّضوا أمورهم إلّا إليه ، قال جابر (٥) : والله ما يسرّنا أنّا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله بأنّه وليّنا.
ثم ذكرهم ما يوجب عليهم التوكّل مما يسّر لهم من الفتح يوم بدر وهم في حال قلة وذلة فقال :
١٢٣ ـ (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) وهو اسم ماء بين مكّة والمدينة كان لرجل يسمّى بدرا فسمّي به ، أو ذكر بدرا بعد أحد للجمع بين الصبر والشكر (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) لقلة العدد ، فإنّهم كانوا ثلثمائة وبضعة عشر ، وكان عدوّهم زهاء ألف مقاتل ، والعدد فإنّهم خرجوا على النواضح (٦) يعتقب النفر منهم على البعير الواحد ، وما كان معهم
__________________
(١) اللأمة مهموزة : الدرع ، وقيل السلاح ، ولأمة الحرب أداته ، وقد يترك الهمز تخفيفا (النهاية ٤ / ٢٢٠).
(٢) أخرجه الطبري من رواية أسباط عن السدي.
(٣) في (ظ) و(ز) عليهالسلام.
(٤) في (ز) عبد الله بن أبي.
(٥) جابر : هو جابر بن عبد الله بن حرام الخزرجي الأنصاري ، ولد عام ١٦ ق. ه وتوفي عام ٧٨ ه صحابي وله مسند ، (الأعلام ٢ / ١٠٤).
(٦) النواضح : جمع الناضح وهو البعير.