(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) (١٢٨)
وأذنابها ، غيرهم بفتح الواو أي معلّمين ، قال الكلبي (١) : معلّمين بعمائم صفر مرخاة على أكتافهم ، وكانت عمامة الزبير (٢) يوم بدر صفراء فنزلت الملائكة كذلك ، قال قتادة : نزلت ألفا فصاروا ثلاثة آلاف ثم خمسة آلاف.
١٢٦ ـ (وَما جَعَلَهُ اللهُ) الضمير يرجع إلى الإمداد الذي دلّ عليه أن يمدّكم (إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) أي وما جعل الله إمدادكم بالملائكة إلا بشارة لكم بأنّكم تنصرون (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) كما كانت السكينة لبني إسرائيل بشارة بالنصر وطمأنينة لقلوبهم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) لا من عند المقاتلة ولا من عند الملائكة ، ولكن ذلك مما يقوي به الله رجاء النّصرة والطمع في الرحمة (الْعَزِيزِ) الذي لا يغالب في أحكامه (الْحَكِيمِ) الذي يعطي النصر لأوليائه ويبتليهم بجهاد أعدائه.
١٢٧ ـ واللام في (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ليهلك طائفة منهم بالقتل والأسر ، وهو ما كان يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين من رؤساء قريش ، متعلقة بقوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) أو بقوله (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أو ب (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ) أو يخزيهم ويغيظهم بالهزيمة ، وحقيقة الكبت شدّة وهن تقع في القلب فيصرع في الوجه لأجله (فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) فيرجعوا غير ظافرين بمبتغاهم.
١٢٨ ـ (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) اسم ليس شيء ، والخبر لك ، ومن الأمر حال من شيء لأنّها صفة مقدمة (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عطف على ليقطع طرفا من الذين كفروا ، أو يكبتهم ، وليس لك من الأمر شيء اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ، والمعنى أنّ الله تعالى مالك أمرهم ، فإمّا أن يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلموا (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) إن أصروا على الكفر ، وليس لك من أمرهم شيء إنّما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهدتهم ، وعن الفراء أو بمعنى حتى ، وعن ابن
__________________
(١) الكلبي : هو محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي ، نسابة ، رواية ، عالم بالتفسير ، ولد بالكوفة ومات فيها عام ١٤٦ ه (الأعلام ٦ / ١٣٣).
(٢) الزبير : هو الزبير بن العوام صحابي جليل ، أحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولد عام ٢٨ ق. ه وتوفي عام ٣٦ ه (الأعلام ٣ / ٤٣).