(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) (١٤٩)
١٤٦ ـ (وَكَأَيِّنْ) أصله أي ، دخل عليه كاف التشبيه وصارا في معنى كم التي للتكثير ، وكائن بوزن كاع حيث كان مكي (مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ) قتل مكي وبصري ونافع (مَعَهُ) حال من الضمير في قاتل ، أي قاتل كائنا معه (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) والربيون الربانيون ، وعن الحسن بضم الراء ، وعن البعض بفتحها ، فالفتح على القياس لأنّه منسوب إلى الربّ ، والضم والكسر من تغييرات النسب (فَما وَهَنُوا) فما فتروا عند قتل نبيهم (لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا) عن الجهاد بعده (وَمَا اسْتَكانُوا) وما خضعوا لعدوّهم ، وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن عند الإرجاف بقتل رسول الله عليهالسلام (١) واستكانتهم لهم حيث أرادوا أن يعتضدوا بابن أبيّ في طلب الأمان من أبي سفيان (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) على جهاد الكافرين.
١٤٧ ـ (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) أي وما كان قولهم إلا هذا القول ، وهو إضافة الذنوب إلى أنفسهم مع كونهم ربّانييّن هضما لها (وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) تجاوزنا حدّ العبودية (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) في القتال (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) بالغلبة ، وقدّم الدعاء بالاستغفار من الذنوب على طلب تثبيت الأقدام في مواطن الحرب والنصرة على الأعداء لأنّه أقرب إلى الإجابة لما فيه من الخضوع والاستكانة.
١٤٨ ـ (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا) أي النصرة والظفر والغنيمة (وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) المغفرة والجنة ، وخصّ بالحسن دلالة على فضله وتقدمه ، وأنّه هو المعتدّ به عنده (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أي هم محسنون والله يحبهم.
١٤٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) يرجعوكم إلى الشرك (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) قيل هو عام في جميع الكفار ، وعلى المؤمنين أن يجانبوهم ولا يطيعوهم في شيء حتى لا يستجرّوهم إلى
__________________
(١) ليست في (أ) وفي (ظ) صلىاللهعليهوسلم.