(فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٧٢)
والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) أو لكلّ أحد (الَّذِينَ قُتِلُوا) قتّلوا شامي (فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ) بل هم أحياء (عِنْدَ رَبِّهِمْ) مقربون عنده ذوو زلفى (يُرْزَقُونَ) مثل ما يرزق سائر الأحياء يأكلون ويشربون ، وهو تأكيد لكونهم أحياء ووصف لحالهم التي هم عليها من التنعم برزق الله.
١٧٠ ـ (فَرِحِينَ) حال من الضمير في يرزقون (بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وهو التوفيق في الشهادة وما ساق إليهم من الكرامة والتفضيل على غيرهم من كونهم أحياء مقربين معجّلا لهم رزق الجنة ونعيمها ، وقال النبي عليهالسلام : (لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدور في أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظلّ العرش) (٢) وقيل هذا الرزق في الجنة يوم القيامة وهو ضعيف لأنّه لا يبقي للتخصيص فائدة (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ) بإخوانهم المجاهدين الذين (لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) لم يقتلوا فيلحقوا بهم (مِنْ خَلْفِهِمْ) يريد الذين من خلفهم قد بقوا (٣) بعدهم وهم قد تقدموهم ، أو لم يلحقوا بهم لم يدركوا فضلهم ومنزلتهم (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) بدل من الذين ، والمعنى ويستبشرون بما تبيّن لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين ، وهو أنّهم يبعثون آمنين يوم القيامة بشّرهم الله بذلك فهم مستبشرون به ، وفي ذكر حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم بعث للباقين بعدهم على الجدّ في الجهاد والرغبة في نيل منازل الشهداء (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
١٧١ ـ (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) يسرّون بما أنعم الله عليهم وما تفضل عليهم من زيادة الكرامة (وَأَنَّ اللهَ) عطف على النعمة والفضل ، وإنّ الله عليّ بالكسر على الاستئناف وعلى أنّ الجملة اعتراض (لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) بل يوفر عليهم.
١٧٢ ـ (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) مبتدأ خبره للذين أحسنوا (٤) ، أو صفة للمؤمنين ، أو نصب على المدح (مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) الجرح ، روي أنّ أبا
__________________
(١) في (أ) عليهالسلام ، وليست في (ظ).
(٢) رواه أبو داود وابن أبي شيبة والحاكم وأبو يعلى والبزار كلهم من حديث ابن عباس.
(٣) في (ظ) و(ز) من بعدهم.
(٤) ليس في (أ) أحسنوا.