(إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨) ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٧٩)
والآية تدلّ على إرادة الكفر والمعاصي ، لأنّ إرادته أن لا يكون لهم ثواب في الآخرة لا تكون بدون إرادة كفرهم ومعاصيهم.
١٧٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) أي استبدلوه به (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) هو نصب على المصدر ، أي شيئا من الضرر ، الآية الأولى فيمن نافق من المتخلّفين أو ارتد عن الإسلام ، والثانية في جميع الكفار ، أو على العكس (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
١٧٨ ـ (وَلا يَحْسَبَنَ) وثلاثة بعدها مع ضم الباء في يحسبنّهم بالياء مكي وأبو عمرو ، وكلها بالتاء حمزة ، وكلها بالياء مدني وشامي إلا فلا تحسبنّهم فإنّها بالتاء. الباقون الأوليان بالياء والأخريان بالتاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) فمن (١) قرأ بالياء رفع ، أي ولا يحسبنّ الكافرون ، وأنّ مع اسمه وخبره في قوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) في موضع المفعولين ليحسبنّ ، والتقدير ولا يحسبنّ الذين كفروا إملاءنا خيرا لأنفسهم ، وما مصدرية وكان حقّها في قياس علم الخط أن تكتب مفصولة ولكنها وقعت في الإمام (٢) متصلة فلا يخالف ، ومن (٣) قرأ بالتاء نصب ، أي ولا تحسبنّ الكافرين ، وأنّما نملي لهم خير لأنفسهم بدل من الكافرين ، أي ولا تحسبنّ أنّ ما نملي للكافرين خير لهم ، وأنّ مع ما في خبره ينوب عن المفعولين ، والإملاء لهم إمهالهم وإطالة عمرهم (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) ما هذه حقّها أن تكتب متصلة لأنّها كافة دون الأولى ، وهذه جملة مستأنفة تعليل للجملة قبلها ، كأنّه قيل : ما بالهم لا يحسبون الإملاء خيرا لهم ، فقيل : إنّما نملي لهم ليزدادوا إثما ، والآية حجة لنا على المعتزلة في مسألتي الأصلح وإرادة المعاصي (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ).
١٧٩ ـ واللام في (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من اختلاط
__________________
(١) في جميع النسخ فيمن ، والأصوب ما ذكرناه.
(٢) في الإمام : أي في المصحف الإمام.
(٣) في جميع النسخ وفيمن ، والأصوب ما ذكرناه.